مقال

الدكروري يكتب عن الإمام حمّاد بن زيد ” جزء 2″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام حمّاد بن زيد ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الثاني مع الإمام حمّاد بن زيد، وروى عنهم في أقطار الأرض وانتشر ذكرهم ما بين المشرق والمغرب، وتردد العلم في طبقاتهم وبيتهم نحو ثلاثمائة عام، من زمن جدهم الإمام حماد بن زيد وأخيه سعيد ومولدهما في نحو المائة إلى وفاة آخر من وصف منهم بعلم، المعروف بابن أبي يعلى، ووفاته قرب أربعمائة عام، وقال أبومحمد الفرغاني التاريخي لا نعلم أحدا من أهل الدنيا بلغ ما بلغ آل حماد بن زيد، وقال أبو بكر المراغني نال بنو حماد من الدنيا مزية ومنزلة رفيعة، وكان ابن الطيب، مؤدب المعتضد، يعظم أمر آل حماد، وقال حسبك أن لهم ببادريا ستمائة بستان، وغير مالهم بالبصرة وسائر النواحي، وكان فيهم على اتساع الدنيا لهم، رجال صدق وخير، وأئمة ورع وعلم وفضل، وكان من بعض أقواله في مسائل العقيدة، في علو الله عز وجل فوق خلقه.

 

بأنه قال حماد بن زيد وذكر هؤلاء الجهمية “إنما يحاولون أن يقولوا ليس في السماء شيء” وقال الحافظ الذهبي مُعلقا على كلام حماد بن زيد رحمهم الله، مقالة السلف وأئمة السنة بل والصحابة والله ورسوله والمؤمنون أن الله عز وجل في السماء، وأن الله على العرش، وأن الله فوق سماواته وأنه ينزل إلى السماء الدنيا وحجتهم على ذلك النصوص والآثار ومقالة الجهمية أن الله تبارك وتعالى في جميع الأمكنة تعالى الله عن قولهم، بل هو معنا أينما كنا بعلمه، ومقال متأخري المتكلمين أن الله ليس في السماء، ولا على العرش، ولا على السموات، ولا في الأرض، ولا داخل العالم، ولا خارج العالم، ولا هو بائن عن خلقه، ولا متصل بهم، وقالوا جميع هذه الأشياء صفات الأجسام والله منزه عن الجسم، قال لهم أهل السنة والأثر نحن لا نخوض في ذلك ونقول ما ذكرناه إتباعا للنصوص وإن زعمتم.

 

ولا نقول بقولكم فإن هذه السلوب نعوت المعدوم، تعالى الله جل جلاله عن العدم، بل هو موجود متميز عن خلقه موصوف بما وصف به نفسه من أنه فوق العرش بلا كيف، ومعنى قوله “أن الله عز وجل في السماء” أي فوق السماء، قال أحمد الصبغي الشافعي قد تضع العرب في بموضع على، قال الله عز وجل ” فسيحوا في الأرض” وقال تعالي ” أصلبنكم في جذوع النخل” ومعناه على الأرض وعلى النخل، فكذلك قوله “في السماء” أي على العرش فوق السماء، كما صحت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويقول حماد بن زيد في “صفات الله عزوجل” مثل الجهمية مثل رجل قيل له أفي دارك نخلة؟ قال نعم، قيل فلها خوص؟ قال لا، قيل فلها سعف؟ قال لا، قيل فلها كرب؟ قال لا، قيل فلها جذع؟ قال لا، قيل فلها أصل؟ قال لا، قيل فلا نخلة في دارك، هؤلاء مثل الجهمية.

 

قيل لهم لكم رب؟ قالوا نعم، قيل يتكلم؟ قالوا لا، قيل فله يد؟ قالوا لا، قيل فله قدم؟ قالوا لا، قيل فله إصبع؟ قالوا لا، قيل فيرضى ويغضب؟ قالوا لا، قيل فلا رب لكم” إسناده صحيح، وهذه الصفات التي ذكرها الإمام حماد بن زيد هي صفات وصف الله بها نفسه في كتابه، ووصفه بها رسوله في سنته، فمن أدلة صفة اليد قوله تعالى “قال يا إبليس ما منعك تسجد لما خلقت بيدي” ودليل صفة القدم قول النبي صلي الله عليه وسلم “لا تزال جهنم تقول هل من مزيد؟ حتى يضع رب العزة فيها قدمه فتقول قط قط وعزتك، ويزوى بعضها إلى بعض” حديث صحيح متفق عليه، ومن أدلة صفة الإصبع، هو حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول “اللهم ثبت قلبي على دينك” فقال رجل يا رسول الله، تخاف علينا وقد آمنا بك وصدقناك بما جئت به؟

 

فقال “إن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن عز وجل يقلبها” حديث صحيح، رواها الإمام الأعمش ثم أشار بإصبعيه، والواجب في هذه الصفات وغيرها من صفات الله تعالي هو الإيمان بها واعتقاد أنها بصفة تليق بجلاله لا تشبه صفات المخلوقين، والله أعلم بكيفيتها، وكان قول حماد بن زيد في أن الإيمان يزيد، فعن يحيى بن المغيرة قال قرأت كتاب حماد بن زيد إلى جرير بلغني أنك تقول في الإيمان بالزيادة، وأهل الكوفة يقولون بغير ذلك، اثبت على رأيك ثبتك الله، وقوله في أن أفعال العباد مخلوقة، فقال حماد بن زيد من قال كلام العباد ليس بمخلوق فهو كافر، وقوله في الصحابة رضوان الله عليهم، قال حماد بن زيد لئن قدمت عليا على عثمان لقد قلت إن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قد خانوا” وقال عنه أحمد بن حنبل، حماد بن زيد من أئمة المسلمين ومن أهل الدين وهو أحب إلي من حماد بن سلمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى