مقال

الدكروري يكتب عن الإمام أبو عبد الرحمن السلمي

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام أبو عبد الرحمن السلمي

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الإمام أبو عبد الرحمن السلمي، هو تابعي كوفي، ومقرئ وأحد رواة الحديث النبوي الشريف، ولد أبو عبد الرحمن عبد الله بن حبيب بن ربيعة السلمي في حياة النبي الكريم محمد صلي الله عليه وسلم، وكان والده حبيب بن ربيعة السلمي من أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم، وكان أبو عبد الرحمن يصلي في قميص واحد ليس عليه رداء ولا إزار، وكان أبو عبد الرحمن أعمى، وقرأ أبو عبد الرحمن السُلمي القرآن، وجوّده، ومهر فيه، وعرض حفظه وقراءته على عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وزيد بن ثابت، كما أخذ عنه القرآن عاصم بن أبي النجود ويحيى بن وثاب وعطاء بن السائب وعبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ومحمد بن أبي أيوب وعامر الشعبي وإسماعيل بن أبي خالد، وعرض عليه القرآن الحسن والحسين ابنا علي.

 

وقد جلس أبو عبد الرحمن السلمي يقرئ الناس في المسجد الأعظم في الكوفة أربعين سنة بدأها في خلافة عثمان بن عفان إلى أن توفي، دون أن يأخذ على ذلك أجرا، وقال عاصم بن بهدلة كنا نأتي أبا عبد الرحمن السلمي ونحن غلمان أيفاع فيقول لا تجالسوا القصاص غير أبي الأحوص، ولا تجالسوا شقيقا، وليس بأبي وائل، ولا سعد بن عبيدة، وكان أبو الأحوص يقول خذ منه هو يعني العلم فإنه فقيه، قال لا تأخذ قفيزا من شعير بقفيز من حنطة فإن ذلك يُكره، وقال أبو عبد الرحمن السلمي لو يعلم المستقبل المصلى ما فيه ما استقبله، ولو يعلم المصلي ما فيه ما استقبله، وقال أبو عبد الرحمن لرجل فيه عُجمة أمؤمن أنت أو مسلم أنت؟ قال نعم إن شاء الله، قال لا تقل إن شاء الله، قال قلت لمسعر يا أبا سلمة أقول إني مؤمن حقا؟ قال نعم، تكون مؤمنا باطلا؟ أيحسن في الكلام.

 

أن يقول الرجل هذه سماء إن شاء الله؟ وكان أبو عبد الرحمن يكره أن يقول أسقطت، ولكن يقول أغفلت، وكان إذا قيل لأبي عبد الرحمن السلمي كيف أنت قال بخير أحمد الله، وقال عطاء فذكرت ذلك لأبي البختري فقال أنى أخذها أنى أخذها فقال عطاء بن السائب دخلت على أبي عبد الرحمن السلمي وقد كوى غلاما له، قلت تكوي غلامك؟ قال وما يمنعني وقد سمعت الله تعالي يقول إن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء؟ فقال عطاء بن السائب دخلت على عبد الله بن حبيب وهو يقضي في مسجده فقلت يرحمك الله لو تحولت إلى فراشك، فقال حدثني من سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول “لا يزال العبد في صلاة ما كان في مصلاه ينتظر الصلاة، والملائكة تقول اللهم اغفر له اللهم ارحمه” فأريد أن أموت وأنا في مسجدي، وقال عطاء بن السائب قال ذهبنا نرجي أبا عبد الرحمن عند موته.

 

فقال أنا لا أرجو وقد صمت ثمانين رمضان، وروى عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وحذيفة بن اليمان وخالد بن الوليد وسعد بن أبي وقاص وأبي موسى الأشعري وعلي بن أبي طالب وأبي الدرداء وأبي هريرة، وروى عنه عاصم بن أبي النجود وأبو إسحاق السبيعي وعلقمة بن مرثد وعطاء بن السائب وإبراهيم بن يزيد النخعي وإسماعيل بن عبد الرحمن السدي وحبيب بن أبي ثابت وسعد بن عبيدة وسعيد بن جبير وعبد الأعلى بن عامر وعبد الملك بن أعين وعثمان بن المغيرة الثقفي وقيس بن وهب ومسلم البطين وأبو البختري الطائي وأبو حصين الأسدي، وقال عنه ابن سعد أنه كان ثقة كثير الحديث، وقد وثقه العجلي والنسائي، كما روى له الجماعة، وقال أبو عمرو الداني هو أخذ القراءة عرضا عن عثمان وعلي وزيد وأبي، وابن مسعود.

 

وقال أبو إسحاق كان أبو عبد الرحمن السلمي يقرئ الناس في المسجد الأعظم أربعين سنة، وقال سعد بن عبيدة أقرأ أبو عبد الرحمن في خلافة عثمان وإلى أن توفي في زمن الحجاج، وروى منصور عن تميم بن سلمة، أن أبا عبد الرحمن كان إمام المسجد، وكان يحمل في اليوم المطير، وعن عطاء بن السائب قال أن أبا عبد الرحمن قال أخذنا القرآن عن قوم أخبرونا أنهم كانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يجاوزوهن إلى العشر الأخر حتى يعلموا ما فيهن، فكنا نتعلم القرآن والعمل به وسيرث القرآن بعدنا قوم يشربونه شرب الماء لا يجاوز تراقيهم، وعن أبي عبد الرحمن السلمي أنه جاء وفي الدار جلال وجزر فقالوا بعث بها عمرو بن حريث لأنك علمت ابنه القرآن، فقال رد، إنا لا نأخذ على كتاب الله أجرا، وعن أبي عبد الرحمن قال والدي علمني القرآن.

 

وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد غزا معه، وعن أبي عبد الرحمن، عن عثمان بن عفان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “خيركم من تعلم القرآن وعلمه” قال أبو عبد الرحمن فذلك الذي أقعدني هذا المقعد، وقال إسماعيل بن أبي خالد كان أبو عبد الرحمن السلمي يعلمنا القرآن خمس آيات خمس آيات، وقال أبو حصين عثمان بن عاصم كنا نذهب بأبي عبد الرحمن من مجلسه وكان أعمى، وعن أبي عبد الرحمن أنه قرأ على علي بن أبي طالب، وقال خرج علينا علي رضي الله عنه وأنا أقرئ، وعن أبو عون الثقفي قال كنت أقرأ على أبي عبد الرحمن وكان الحسن بن علي رضي الله عنهما يقرأ عليه، وعطاء بن السائب ومحمد بن أبي أيوب وعبد الله بن عيسى أنهم قرءوا على أبي عبد الرحمن السلمي وذكروا أنه أخبرهم أنه قرأ على عثمان عامة القرآن.

 

وكان يسأله عن القرآن فيقول إنك تشغلني عن أمر الناس فعليك بزيد بن ثابت فإنه يجلس للناس ويتفرغ لهم ولست أخالفه في شيء من القرآن قال وكنت ألقى عليا فأسأله، فيخبرني ويقول عليك بزيد، فأقبلت على زيد فقرأت عليه القرآن ثلاث عشرة مرة، وعن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن قال حدثني الذين كانوا يقرئوننا عثمان وابن مسعود وأبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرئهم العشر، فذكر الحديث، وعن عطاء بن السائب قال كان رجل يقرأ على أبي عبد الرحمن، فأهدى له قوسا فردها وقال ألا كان هذا قبل القراءة، وعن عطاء بن السائب قال دخلنا على أبي عبد الرحمن نعوده فذهب بعضهم يرجيه فقال أنا أرجو ربي وقد صمت له ثمانين رمضان، قلت ما أعتقد صام ذلك كله وقد كان ثبتا في القراءة وفي الحديث حديثه مخرج في الكتب الستة.

 

وقال محمد بن عمر وغيره وكانت وفاة أبي عبد الرحمن السلمي بالكوفة في ولاية بشر بن مروان، في خلافة عبد الملك بن مروان، وكان ثقة كثير الحديث‏، وقال يزيد بن أبي زياد مات أبو عبد الرحمن فمروا به على أبي جُحيفة فقال مستريح ومستراح منه، وقد توفي أبو عبد الرحمن سنة أربعة وسبعين من الهجرة، وقيل سنة ثلاث وسبعين من الهجرة، وقيل مات قبل سنة ثمانين من الهجرة، وقيل مات في أوائل ولاية الحجاج بن يوسف الثقفي على العراق .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى