مقال

الدكروري يكتب عن شهر الإنتصارات والفتوحات ” جزء 10″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن شهر الإنتصارات والفتوحات ” جزء 10″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء العاشر مع شهر الإنتصارات والفتوحات، بينما من أهمل عضوا من أعضائه وأراد أن يحركه ولو بعض الحركة فإنه يجد صعوبة ومشقة فى هذا الأمر، كذلك من أعظم ما يصاب به الإنسان من الكسل أن يصاب فى عقله، أن يكسل عقله ولذا يقول شيخ الإسلام رحمه الله “إن البحث فى دقائق الأمور ومسائلها يفتق الذهن” فكلما كان الإنسان متقد الذهن محركا له فإن ذهنه يكون متقدا ويتفتق ويصبح أكثر قبولا لأية معلومة تأتيه، ولذا من أعظم نوعي الكسل أن يكسل عقل الإنسان، وكيف يكسل عقله؟ إذا أهمله ونحَّاه عن التفكر والتدبر فى آلاء الله تعالى، كما أن النوع الآخر وهو كسل البدن، سبب من أسباب تأخر الأمم فى جميع شؤونها، ولذا لا ترون الأمة قد تأخرت إلا من أسباب كسل العقول وكسل الأبدان، والكسل صفة ذميمة، ارتقاها واصطبغ بها واتسم بها المنافقون.

 

ولذا من أعظم ما يصاب به الإنسان من فوات الخير أن يكسل في أمور دينه ولذا قال النبى الكريم صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين “أثقل الصلاة على المنافقين صلاة الفجر وصلاة العشاء” فالصلوات كافة هي عليهم ثقيلة، لكن من أثقلها صلاة الفجر وصلاة العشاء، فيقول النبى الكريم صلى الله عليه وسلم “أثقل الصلاة على المنافقين صلاة الفجر وصلاة العشاء، ولو يعملون ما فيهما أى من الخير لأتوهما ولو حبوا” ثم انطلق النبى الكريم صلى الله عليه وسلم، إلى صنف آخر من المسلمين ممن به بعض صفة المنافقين وهى صفة الكسل، فقال النبى الكريم صلى الله عليه وسلم “ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلا فيصلي بالناس، ثم أنطلق معى برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة” يعنى فى المساجد، هم يصلون فى البيوت ولكنهم لا يصلون فى المساجد.

 

وهذا ناتج من الكسل” ثم أنطلق معى برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار” ولذا قال الله تعالى عن هؤلاء المنافقين، فى سورة النساء ” إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا” ويقول ابن عباس رضى الله عنهما مستدلا بهذه الآيات “إن على المسلم الراغب في إقامة الصلاة والإتيان إليها ألا يقوم إليها على هيئة وصفة الكسلان، وإن كان يريد القيام إليها وذلك حتى لا يتشبه بالمنافقين” ولذا كان النبى صلى الله عليه وسلم كما ثبت في صحيح مسلم ” يستعيذ بالله سبحانه وتعالى من العجز والكسل” ويقول ابن القيم رحمه الله كما فى زاد المعاد يقول “إن العجز والكسل أحدهما قريب من الآخر” فيقول رحمه الله فيما يقول بتصرف “إن الإنسان ما يفوته من الخير إلا بسبب أمرين.

 

إما إنه لا يقوى على هذا الأمر الخيِر، أو أنه يقوى عليه ولكنه لا يريده، فإن فاته هذا الخير بسبب عدم قدرته عليه فهذا هو العجز، وإن فاته هذا الخير ومعه قدرة على الإتيان به لكنه لا يريده فهو الكسل” فالإنسان لا يفوته أى خير من خيرى الدنيا والآخرة إلا وتجد أن سببه إما العجز وإما الكسل، ولذا الشيطان حريص على هذا الأمر، حريص على أن يثبط ابن آدم وأن يثقله عن العبادة، ولذا فى الصحيحين من حديث أبى هريرة رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال “يعقد الشيطان على قافية أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب على كل عقدة عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، وإن توضأ انحلت عقدة، وإن صلى انحلت عقده، فأصبح نشيطا طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان” وهذا ما تراه على البعض إذا استيقظ من نومه كأنه يحمل هموم الدنيا على رأسه، ما سببه؟

 

هو الكسل عن ذكر الله عز وجل، والكسل عن الإتيان إلى الصلاة، ولذا لو قال قائل إن العجز أمر ليس من طاقتى وليس من إرادتى، فيقال إن الله عز وجل، قد جعل لك إرادة وجعل لك مشيئة، لكنك لما تثاقلت فعاقبك الله عز وجل نظير هذا التثاقل، ولذا فى صحيح مسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “كل شيء بقدر حتى العجز والكيس” والكيس هو الحذاقة والمهارة والإتقان فى الشيء، وكما أن بعض الناس متقن لبعض الأشياء فكذلك من وقع في العجز فهذا كله بقضاء الله عز وجل وقدره، فلا يتكل الإنسان على هذا الأمر دون أن يفعل شيئا، ولذا لا ترون المتكاسل إلا وقد أصيب بالهوان والذل وفقد الكرامة والمكانة عند الناس، ولذا حرص النبى الكريم صلى الله عليه وسلم حتى فى أمور الدنيا ألا يكون الإنسان عرضة للابتذال والامتهان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى