مقال

الدكروري يكتب عن فضل العشر الأواخر من رمضان ” جزء 11″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن فضل العشر الأواخر من رمضان ” جزء 11″

بقلم/ محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الحادي عشر مع فضل العشر الأواخر من رمضان، وقد أخفى الله عز وجل علم تعييين يومها عن العباد، ليكثروا من العبادة، ويجتهدوا في العمل، فيظهر من كان جادا فى طلبها حريصا عليها، ومن كان عاجزا مفرطا، فإن من حرص على شيء جد فى طلبه، وهان عليه ما يلقاه من تعب في سبيل الوصول إليه، فهذه الليلة العظيمة يستحب تحريها في العشر الأواخر من رمضان، وهى فى الأوتار أرجى وآكد، فقد ثبت فى الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، ليلة القدر في تاسعة تبقى، في سابعة تبقى، في خامسة تبقى” وهي في السبع الأواخر أرجى من غيرها ، ففى حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام فى السبع الأواخر.

 

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم” أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر” رواه البخارى، ثم هى فى ليلة سبع وعشرين أرجى ما تكون، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال” ليلة القدر ليلة سبع وعشرين” رواه أبو داود، فاحرص على الاقتداء بنبيك صلى الله عليه وسلم، واجتهد فى هذه الأيام والليالى، وتعرض لنفحات الرب الكريم المتفضل، عسى أن تصيبك نفحة من نفحاته لا تشقى بعدها أبدا، وأكثر من الدعاء والتضرع، وخصوصا الدعاء الذى علمه النبى صلى الله عليه وسلم، للسيدة عائشة رضى الله عنها حين قالت يا رسول الله، أرأيت إن وافقت ليلة القدر، ما أقول فيها ؟ قال “قولى اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنى” رواه أحمد وغيره، ويقول سائل هل ليلة القدر تأتى كل سنة فى وقت مختلف؟

 

بمعنى أنها لو كانت هذه السنة ليلة السابع والعشرين فهل يمكن أن تكون السنة القادمة ليلة الثالث والعشرين؟ فإن الذى عليه المحققون من العلماء أن ليلة القدر تنتقل فى العشر الأواخر من ليلة لأخرى، فقال النووى رحمه الله فى شرح صحيح مسلم، وأكثر العلماء على أنها ليلة مبهمة من العشر الأواخر من رمضان، وأرجاها أوتارها، وأرجاها ليلة سبع وعشرين وثلاث وعشرين وإحدى وعشرين، وأكثرهم أنها ليلة معينة لا تنتقل. وقال المحققون إنها تنتقل فتكون سنة في ليلة سبع وعشرين، وفي سنة ليلة ثلاث وعشرين، وسنة إحدى وعشرين، وهذا أظهر، وفيه جمع بين الأحاديث المختلفة فيها، ثم نقل عن القاضي عياض أن هذا قول مالك والثورى وأحمد وإسحاق وأبى ثور وغيرهم، ولما نقل الحافظ ابن حجر أقوال العلماء، فى ليلة القدر ومن هذه الأقوال من قال إنها تنتقل فى العشر الأخيرة كلها.

 

قال نص عليه مالك والثوري وأحمد وإسحاق ، ثم قال وأرجحها يعنى أرجح الأقوال فيها أنها تنتقل كما يفهم من أحاديث هذا الباب، ويسأل سائل فيقول سمعت كثرة صياح الديكة بصفة عجيبة في الفجر فى الأيام العشر الأواخر من رمضان، فهل تعد هذه علامة من علامات ليلة القدر؟ فإن ليلة القدر لها علامات تميزها, ومن تلك العلامات ما جاء فى مجموع الفتاوى للشيخ ابن عثيمين حيث قال وأما علاماتها فإن من علاماتها أن تخرج الشمس صبيحتها صافية لا شعاع فيها، وهذه علامة متأخرة، وفيها علامات أخرى كزيادة الأنوار فيها، وطمأنينة المؤمن، وراحته، وانشراح صدره، كل هذه من علامات ليلة القدر، أما كثرة صياح الديكة بصفة عجيبة فى العشر الأواخر فلم نقف على من قال إنها من علامات ليلة القدر، ويقول قائل هل أحصل على أجر قيام ليلة القدر بصلاة العشاء والفجر فى جماعة.

 

بدون التراويح لحديث النبى صلى الله عليه وسلم” من صلى العشاء فى جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله؟ فقيام ليلة القدر من أفضل الأعمال وأرجاها لحصول المغفرة، وقد قال صلى الله عليه وسلم كما ثبت فى الصحيح” من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه” وقد ذهب كثير من العلماء إلى أن فضيلة قيام ليلة القدر تحصل لمن صلى العشاء والصبح فى جماعة، وهذا بالنظر إلى أصل فضيلة القيام، وأما كمال الأجر فلا شك فى أن العبد كلما اجتهد فى الطاعة وأكثر من العبادة كان أدخل فى هذا الوعد وأولى بتحصيله، وقد كان هدى النبى صلى الله عليه وسلم فى العشر الأخيرة من رمضان التشمير عن ساق الجد فى الطاعة والمبالغة فى الاجتهاد فيها تحريا لليلة القدر، فكان كما ثبت فى الصحيح إذا دخل العشر الأواخر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله صلى الله عليه وسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى