مقال

الدكروري يكتب عن حب الوطن غريزة فطرية “جزء 1”

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن حب الوطن غريزة فطرية “جزء 1”

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

لقد وصلنا إلي زمان أصبح الكثير فيه من الناس إلا ما رحم الله عز وجل من عبادة لديهم الأفكار الهدامة والسلوكيات الغير أخلاقية في التفنن في خيانة الوطن وتخريبة بشتي الطرق التي تنوعت وتشكلت علي كل السبل والدروب وإن الدافع وراء كل ذلك هي المصالح الشخصية من تحصيل المال الحرام الذي سيتركه يوما ما وسيحاسب عليه أمام الله عز وجل، فنجد الموظف المرتشي والصانع الغشاش المستهتر الذي لا يتقن صنعته وحرفته ولا يراعي الله عز وجل في عمله ونجد التاجر المحتكر المستغل للظروف والذي لا يبالي بهموم الناس وأوجاعهم وظروفهم المعيشية ونجد النساء التي باعت دينها وتخلت عن أخلاقها وتنازلت عن كرامتها وعفتها وشرفها من أجل المال الحرام فظهرت علي الفضائيات والمواقع لتعرض جسمها وتتمايل أمام الجميع في حيل ملتوية دنيئة خسيسة لكسب المال الحرام وتناست أخلاق الإسلام وتعاليمه السمحه.

 

ولم ترضي برزقها الذي كتبه الله عز وجل لها من طريق الحلال المشروع ونجد من الرجال الذين أصبح لا يوجد لديهم النخوة والرجوله والمروءة ممن يتركوا زوجاتهم وبناتهم وأخواتهم وأمهاتهم للظهور بهذه الصور المؤسفه الغير أخلاقية من أجل المال الذي سيعود وبال عليهم وكل هذا هو تخريب للوطن الذي نعيش فيه وهدم للدين والقيم والأخلاق ولكن يجب علينا أن نصلح من أحوالنا وأن نتقي الله عز وجل في وطننا الحبيب ولنعلم إن حب الوطن غريزة فطرية في الإنسان، وإن حب الوطن ليس مجرد كلمات تقال أو شعارات ترفع، إنما هو سلوك وتضحيات، فالجندي بثباته وصبره وفدائه وتضحيته، والشرطي بسهره على أمن وطنه، والفلاح والعامل والصانع بإتقان كل منهم لعمله، والطبيب والمعلم والمهندس بما يقدم كل منهم في خدمة وطنه، وهكذا في سائر الأعمال والمهن والصناعات يجب على كل منا.

 

أن يقدم ما يثبت به ان حبه للوطن ولاء وعطاء لا مجرد كلام أو أماني أو أحلام، وما من إنسان إلا ويعتز بوطنه، لأنه مهد صباه ومدرج خطاه ومرتع طفولته، وملجأ كهولته، ومنبع ذكرياته، وموطن آبائه وأجداده، ومأوى أبنائه وأحفاده، حتى الحيوانات لا ترضى بغير وطنها بديلا، ومن أجله تضحي بكل غالى ونفيس، والطيور تعيش في عشها في سعادة ولا ترضى بغيره ولو كان من حرير، والسمك يقطع آلاف الأميال متنقلا عبر البحار والمحيطات ثم يعود إلى وطنه، وهذه النملة الصغيرة تخرج من بيتها ووطنها فتقطع الفيافي والقفار وتصعد على الصخور وتمشي على الرمال تبحث عن رزقها، ثم تعود إلى بيتها، بل إن بعض المخلوقات إذا تم نقلها عن موطنها الأصلي فإنها تموت، ولذا يقول الأصمعي ” ثلاث خصال في ثلاثة أصناف من الحيوانات، الإبل تحن إلى أوطانها وإن كان عهدها بها بعيدا.

 

والطير إلى وكره وإن كان موضعه مجدبا، والإنسان إلى وطنه وإن كان غيره أكثر نفعا” فإذا كانت هذه سنة الله في المخلوقات فقد جعلها الله في فطرة الإنسان، وإلا فما الذي يجعل الإنسان الذي يعيش في المناطق شديدة الحرارة، والتي قد تصل إلى ستين درجة فوق الصفر، وذلك الذي يعيش في القطب المتجمد الشمالي تحت البرد القارس، أو ذلك الذي يعيش في الغابات والأدغال يعاني من مخاطر الحياة كل يوم، ما الذي جعلهم يتحملون كل ذلك إلا حبهم لوطنهم وديارهم، وقد روي في ذلك أن مالك بن فهم خرج من السراة وهى بلدة بالحجاز، يريد عمان، قد توسط الطريق، فحنت إبله إلى مراعيها، وقبلت تلتفت إلى نحو السراة وتردد الحنين، فإن الوطن هو الملاذ الآمن الذي يلجأ اليه الانسان من أجل الحصول على الأمان والارتياح النفسى, فهو يمتلئ بعديد الذكريات السعيدة والاصدقاء والاقارب والأماكن التى ترتبط بنا وترتبط بها بعدة اشكال.

 

اما مادية او نفسية او عاطفية وإن البشر يألفون أرضهم على ما بها حتى ولو كان قبرا مستوحشا، وحب الأوطان غريزة مستوطنة في النفوس تجعل الإنسان يستريح للبقاء فيه ويحن إليه إذا غاب عنه ويدفع عنه إذا هوجم ويغضب له إذا انتقص، وإن الوطنية بهذا المفهوم الطبيعي هو أمر غير مستغرب، وهذه السعادة به وتلك الكآبة لفراقه وهذا الولاء له مشاعر إنسانية لا غبار عليها ولا اعتراض، ولا يجوز أن تكون مفهوما مشوها يعارض به الولاء للدين، فالإسلام لا يغير انتماء الناس إلى أرضهم ولا شعوبهم ولا قبائلهم، فقد بقي بلال حبشيّا وصهيب روميّا وسلمان فارسيّا ولم يتضارب ذلك مع انتمائهم العظيم للإسلام، وعندما يفكر الإنسان في طبيعته فسيجد أن له محبة وولاء وانتماء لأسرته وعشيرته وأهل قريته، وكما يحس بانتمائه الكبير للأمة المسلمة باتساعها وتلون أعراقها ولسانها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى