مقال

الدكروري يكتب عن الإمام طاوس بن كيسان ” جزء 3″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام طاوس بن كيسان ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

وقال طاوس إن أكيس الكيس التقى، وأعجز العجز الفجور، وإذا تزوج أحدكم فليتزوج من معدن صالح، وإذا اطلعتم من رجل على عمل فجرة، فاحذروه فإن لها أخوات، وكما قال طاوس إذا غدا الإنسان اتبعه الشيطان، فإذا أتى المنزل فسلم نكص الشيطان وقال لا مقيل، فإذا أتى بغدائه فذكر اسم الله قال الشيطان لا غداء ولا مقيل، فإذا دخل ولم يسلم، قال الشيطان المقيل، فإذا أتي بالغداء ولم يذكر اسم الله، قال الشيطان مقيل وغداء، والعشاء مثل ذلك، وكما قال طاوس إن الملائكة ليكتبون صلاة بني آدم، فلان زاد فيها كذا وكذا، وفلان نقص كذا وكذا، وذلك في الخشوع والركوع، أو قال الركوع والسجود، وكما قال طاوس إقرار ببعض الظلم خير من القيام فيه، وقال أيضا ما من شيء يتكلم به ابن آدم إلا أحصي عليه، حتى أنينه في مرضه، وكما قال عطاء بن أبي رباح جاءني طاوس فقال لي.

 

“يا عطاء، إياك أن ترفع حوائجك إلى مَن أغلق دونك بابه، وجعل دونك حجابا، وعليك بطلب حوائجك إلى مَن بابه مفتوح لك إلى يوم القيامة، طلب منك أن تدعوه، ووعدك الإجابة” كما قال أبو عبدالله الشامي أتيت طاوسا فاستأذنت عليه، فخرج إليّ شيخ كبير ظننت أنه طاوس، قلت أنت طاوس؟ قال لا، أنا ابنه، قلت لئن كنت ابنه فقد خرف أبوك، قال يقول هو إن العالم لا يخرف، قال قلت استأذن لي على أبيك، قال فاستأذن لي، فدخلت عليه، فقال الشيخ سل وأوجز، فقلت إن أوجزت لي أوجزت لك، فقال لا تسأل، أنا أعلمك في مجلسك هذا القرآن والتوراة والإنجيل خف الله مخافة حتى لا يكون أحد أخوف عندك منه، وارجه رجاء هو أشد من خوفك إياه، وأحب للناس ما تحب لنفسك، وكما قال طاوس “البخل أن يبخل الإنسان بما في يديه، والشح أن يحب الإنسان أن يكون له ما في أيدي الناس بالحرام، لا يقنع”

 

وقال ليث بن أبي سليم قال لي طاوس ما تعلمت من العلم فتعلمه لنفسك فإن الأمانة والصدق قد ذهبا من الناس، وقال أيضا من لم يبخل ولم يلي مال يتيم، لم ينله جهد البلاء، وقال ابن طاوس قلت لأبي ما أفضل ما يقال على الميت؟ قال الاستغفار، وقال أيوب السختياني رأى طاوس رجلا مسكينا في عينه عمش، وفي ثوبه وسخ، فقال له إن الفقر من الله، فأين أنت من الماء؟ وقيل أن هناك موقف لطاوس بن كيسان مع هشام بن عبد الملك، فقيل أن هشام بن عبد الملك قدم حاجا إلى بيت الله الحرام، فلما دخل الحرم قال ايتوني برجل من الصحابة فقيل يا أمير المؤمنين قد تفانوا، قال فمن التابعين، فأتي بطاوس اليماني فلما دخل عليه خلع نعليه بحاشية بساطه، ولم يسلم بإمرة المؤمنين ولم يكنه، وجلس إلى جانبه بغير إذنه، وقال كيف أنت يا هشام؟ فغضب من ذلك غضبا شديدا حتى هم بقتله.

 

فقيل يا أمير المؤمنين أنت في حرم الله وحرم رسوله لا يمكن ذلك، فقال له يا طاوس، ما حملك على ما صنعت؟ قال وما صنعت؟ فاشتد غضبه وغيظه، وقال خلعت نعليك بحاشية بساطي، ولم تسلم علي بإمرة المؤمنين، ولم تكنني، وجلست بإزائي بغير إذني، وقلت يا هشام كيف أنت؟ قال أما خلع نعلي بحاشية بساطك فإني أخلعهما بين يدي رب العزة كل يوم خمس مرات فلا يعاتبني ولا يغضب علي، وأما ما قلت لم تسلم علي بإمرة المؤمنين فليس كل المؤمنين راضين بإمرتك فخفت أن أكون كاذبا، وأما ما قلت لم تكنني فإن الله سبحانه وتعالى سمى أنبياءه قال يا داود يا يحيى يا عيسى، وكنى أعداءه فقال ” تبت يد أبي لهب وتب” وأما قولك جلست بإزائي فإني سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول إذا أردت أن تنظر إلى رجل من أهل النار فانظر إلى رجل جالس وحوله قوم قيام.

 

فقال له عظني قال إني سمعت أمير المؤمنين رضي الله عنه يقول إن في جهنم حيات كالقلال وعقارب كالبغال، تلدغ كل أمير لا يعدل في رعيته ثم قام وخرج، وقيل أنه قالت امرأة ماجنة ما بقي أحد إلا فتنته ما خلا طاوس، فإني تعرضت له فقال إذا كان وقت كذا فتعالي فجئت ذلك الوقت فذهب بي إلى المسجد الحرام، فقال اضطجعي فقلت هاهنا فقال الذي يرانا هنا يرانا هناك، وقال عمرو بن دينار ما رأيت أحدا قط مثل طاوس، لما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة كتب إليه طاوس إن أردت أن يكون عملك خيرا كله فاستعمل أهل الخير فقال عمر كفى بها موعظة، وكانت من كلمات الإمام طاوس بن كيسان، أنه قال ما من شيء يتكلم به ابن آدم إلا أحصي عليه حتى أنينه في مرضه، وعن ليث عن طاوس قال “ما من شيء يتكلم به ابن آدم إلا أحصي عليه حتى أنينه في مرضه.

 

ولما علم أحمد ذلك من قوله وكان يتأوه بينما كان مريضا توقف عن التأوه” وتوفي الإمام طاوس بن كيسان رحمه الله بمكة المكرمة قبل يوم التروية بيوم، وكان هشام بن عبدالملك قد حج تلك السنة وهو خليفة سنة ست ومائة، فصلى على طاوس، وكان له يوم مات بضع وتسعون سنة رحمه الله رحمة واسعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى