مقال

الدكروري يكتب عن الإمام عطاء بن أبي رباح ” جزء 5″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام عطاء بن أبي رباح ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

وقال محمد بن سوقة ألا أحدثكم بحديث لعله ينفعكم؟ فإنه نفعني، قال لنا عطاء بن أبي رباح يا بن أخي، إن من كان قبلكم كانوا يكرهون فضول الكلام، وكانوا يعُدون فضول الكلام ما عدا كتاب الله تعالى أن يقرأ، أو أمرا بمعروف، أو نهيا عن منكر، أو تنطق في حاجتك في معيشتك التي لا بد لك منها، أتنكرون قوله تعالي في سورة الإنفطار “وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين” قوله تعالي في سورة ق ” عن اليمين وعن الشمال قعيد، ما يلفظ من قول إلا لدية رقيب عتيد” أما يستحي أحدكم لو نشرت عليه صحيفته التي أملاها صدر نهاره أكثر ما فيها ليس من أمر دينه ولا دنياه، وروى أبو نعيم عن عطاء بن أبي رباح، قال ما قال عبد قط يا رب يا رب يا رب ثلاث مرات إلا نظر الله إليه، قال فذكرت ذلك للحسن، فقال أما تقرؤون القرآن في قوله تعالي في سورة آل عمران.

 

“ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا، ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار، ربنا وآتنا ما وعدتنا علي رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد، فاستجاب لهم ربهم” وكما قال عطاء بن أبي رباح في قوله تعالى في سورة النور ” لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله” أي لا يلهيهم بيع ولا شراء عن مواضع حقوق الله التي فرضها الله تعالى عليهم أن يؤدوها في أوقاتها، وقال عطاء بن أبي رباح في قوله تعالى في سورة النور ” ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله” قال ذلك في إقامة الحد عليهما، وكما قال عطاء بن أبي رباح في قوله تعالي في سورة النمل ” وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون” قال كانوا يُقرضون الدراهم، كما قال عطاء بن أبي رباح إن الله لا يحب الفتى يلبس الثوب المشهور، فيعرض الله عنه حتى يضع ذلك الثوب.

 

وعن أبو حفص الأبار عن ابن أبي ليلى قال دخلت على عطاء فجعل يسألني فكأن أصحابه أنكروا ذلك وقالوا تسأله ؟ قال ما تنكرون ؟ وهو أعلم مني قال ابن أبي ليلى وكان عالما بالحج، قد حج زيادة على سبعين حجة، قال وكان يوم مات ابن نحو مائة سنة رأيته يشرب الماء في رمضان ويقول قال ابن عباس وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له إني أطعم أكثر من مسكين، وعن ابن وهب عن مالك قال عمرو بن دينار ومجاهد وغيرهما من أهل مكة، لم يزالوا متناظرين حتى خرج عطاء بن أبي رباح إلى المدينة، فلما رجع إلينا استبان فضله علينا، وروى إبراهيم بن عمر بن كيسان قال أذكرهم في زمان بني أمية يأمرون في الحج مناديا يصيح لا يفتي الناس إلا عطاء بن أبي رباح فإن لم يكن عطاء ، فعبد الله بن أبي نجيح، وروى أيوب بن سويد عن الأوزاعي قال.

 

مات عطاء بن أبي رباح يوم مات وهو أرضى أهل الأرض عند الناس وما كان يشهد مجلسه إلا تسعة أو ثمانية، ولم يكن عطاء يحسن العربية فروى العلاء بن عمر الحنفي عن عبد القدوس عن حجاج قال عطاء وددت أني أحسن العربية، قال وهو يومئذ ابن تسعين سنة، وقال عمر بن ذر ما رأيت مثل عطاء بن أبي رباح وما رأيت عليه قميصا قط ولا رأيت عليه ثوبا يساوي خمسة دراهم، وقال ابن جريج سمعت عطاء يقول إذا تناهقت الحمير بالليل فقولوا بسم الله الرحمن الرحيم أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وعن عطاء قال لو ائتمنت على بيت مال لكنت أمينا ولا آمن نفسي على أمة شوهاء، قلت صدق رحمه الله ففي الحديث ألا لا يخلون رجل بامرأة فإن ثالثهما الشيطان، وروى عفان عن حماد بن سلمة قال قدمت مكة وعطاء حي فقلت إذا أفطرت دخلت عليه، قال فمات في رمضان وكان ابن أبي ليلى يدخل عليه.

 

فقال لي عمارة بن ميمون الزم قيس بن سعد ، فإنه أفقه من عطاء، وتوفي الإمام عطاء بن أبي رباح في مكة المكرمة في شهر رمضان عام مائة وأربعة عشر من الهجرة، وقال الهيثم وأبو المليح الرقي وأحمد وأبو عمر الضرير وغيرهم مات عطاء سنة أربع عشرة ومئة وقال يحيى القطان سنة أربع أو خمس عشرة وقال ابن جريج وابن عيينة والواقدي وأبو نعيم والفلاس سنة خمس عشرة ومئة وقال الواقدي عاش ثمانيا وثمانين سنة وقال شباب مات سنة سبع عشرة فهذا خطأ وابن جريج وابن عيينة أعلم بذلك وقد كان بمكة مع عطاء من أئمة التابعين مجاهد وطاووس وعبيد بن عمير الليثي وابن أبي مليكة وعمرو بن دينار وأبو الزبير المكي وآخرون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى