مقال

الدكروري يكتب عن الإمام السلفي ” جزء 2″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإمام السلفي ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

وتلا لقالون أيضا على أبي سعد نصر بن محمد الشيرازي صاحب أبي الفضل الرازي في خلق كثير من أصحاب أبي نعيم وابن ريذة، ونزل إلى الحافظ إسماعيل بن محمد بن الفضل الطلحي والفضل بن محمد الديلمي، وغيرهم الكثير، وسمع من النساء بأصبهان من أم سعد أسماء بنت أحمد بن عبد الله بن أحمد، تروي عن ابن عبدكويه والجمال وابن أبي علي ومن أمة العزيز بنت محمد بن الجنيد سمعت الجمال ومن سارة أخت شيخه أبي طالب الكندلاني وفاطمة بنت ماجه، تروي عن أبي سعيد بن حسنويه ومن لامعة بنت سعيد البقال وقد سمعوا منها في حياة أبي نعيم الحافظ، فعمل معجم شيوخه الأصبهاني في مجلد كبير، وارتحل وله أقل من عشرين سنة فدخل بغداد ولحق بها أبا الخطاب بن البطر وسمع منه نحوا من عشرين جزءا وكان يتفرد بها فتفرد هو بها عنه كالدعاء للمحاملي والأجزاء المحامليات الثلاثة، وجالس في الفقه إلكيا الهراسي.

 

ويوسف بن علي الزنجاني وأبا بكر الشاشي، وأخذ الأدب عن أبي زكريا يحيى بن علي التبريزي، ولم يتفق له لقي أبي حامد الغزالي فإنه كان قد فارق بغداد وحج وقدم الشام ثم ارتحل منها إلى خراسان، ولم يسمع ببغداد من النساء سوى ثماني شيخات وسافر منها بعد أربع سنين، وسمع بالكوفة من أبي البقاء الحبال وجماعة، وحج فسمع بمكة من أبي شاكر العثماني صاحب أبي ذر الحافظ ومن الحسين بن علي الطبري الفقيه وبالمدينة من أبي الفرج القزويني، ورد إلى بغداد فأقام بها عامين مكبا على العلم والفضائل، ثم ارتحل سنة خمسمائة فسمع من محمد بن جعفر العسكري وطائفة بالبصرة، وأملى مجالس بسلماس وهو شاب وانتخب على غير واحد عن المشايخ وكتب العالي والنازل ونسخ من الأجزاء ما لا يحصى كثرة فكان ينسخ الجزء الضخم في ليلة، وخطه متقن سريع لكنه معلق مغلق، وبقي في الرحلة ثمانية عشر عاما.

 

يكتب الحديث والفقه والأدب والشعر، وقدم دمشق سنة تسع وخمسمائة فأقام بها سنتين يكتب العلم مقيما بالخانقاه وقد جمعوا له من جزازه وتعاليقه معجم السفر في مجلد كبير، ثم استوطن ثغر الإسكندرية بضعا وستين سنة وإلى أن مات وينشر العلم ويحصل الكتب التي قل ما اجتمع لعالم مثلها في الدنيا، وإن السلفية هي اسم لمنهج يدعو إلى فهم الكتاب، والسنة بفهم سلف الأمة، والأخذ بنهج، وعمل النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وصحابته، والتابعين، وتابعي التابعين باعتباره يمثل نهج الإسلام، والتمسك بأخذ الأحكام من كتاب الله، ومما صح من حديث النبي صلى الله عليه وسلم، ويبتعد عن كل المدخلات الغريبة عن روح الإسلام وتعاليمه، والتمسك بما نقل عن السلف. وهي تمثل في إحدى جوانبها إحدى التيارات الإسلامية العقائدية في مقابلة الفرق الإسلامية الأخرى وفي جانبها الآخر المعاصر تمثل مدرسة من المدارس السنية.

 

التي تستهدف إصلاح أنظمة الحكم والمجتمع والحياة عموما إلى ما يتوافق مع النظام الشرعي الإسلامي، وبرزت بمصطلحها هذا على يد أحمد بن تيمية في القرن الثامن الهجري وقام محمد بن عبد الوهاب بإحياء هذا المصطلح من جديد في منطقة نجد في القرن الثاني عشر الهجري والتي كانت الحركة الإصلاحية التي أسسها من أبرز ممثلي هذه المدرسة في العصر الحديث، وتطلق السلفية ويراد بها بحسب أحد علمائها الكبار الشيخ محمد بن صالح العثيمين هو اتباع منهج النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه لأنهم سلفنا تقدموا علينا، فاتّباعهم هو السلفية، وهي ما يعبر عنه بعضهم بقوله منهجنا الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، فالسلفية في جوهرها تقوم على التزام منهج السلف الصالح في فهم النصوص الشرعية، ما يعني أن ثمة اتفاقا على مرجع جامع يجتمع عليه السلفيون، وتأتي السلفية في اللغة بمعنى الرجوع للمتقدمين والسابقين زمنيا.

 

ويُعرف الدكتور عبد الله البخاري النزعة السلفية في كتابه المعنون ما هي السلفية؟ أنها اتباع الصحابة والتابعون ومن اتبعهم بإحسان وسار على طريقتهم واقتفى أثرهم ورغم أن هذا التعريف يبين أن أصحاب هذا المنهج يتبعون لعدد كبير من الشخصيات التراثية الدينية، إلا أنه يمكن القول إن السلفيين عموما يبجلون أربع شخصيات دينية مهمة في التاريخ الفكري الإسلامي، فالشخصية الأولى، هو الصحابي عبد الله بن عمر بن الخطاب والأهمية الخاصة لابن عمر تكمن في كونه عاصر أحداث الفتن والتقلبات التي حدثت منذ مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان وما تبعها من حروب أهلية بين الصحابة، وكان لابن عمر موقف متميز من الأحداث الجارية حوله فقد اعتزل السياسة ولم ينضم لأي حزب من الأحزاب المتنافسة على السلطة، وأما الشخصية الثانية فهو الإمام أحمد بن حنبل الذي تعرض لاختبار في عصر المأمون والمعتصم العباسيين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى