مقال

الدكروري يكتب عن التجارة في الإسلام” جزء 1″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن التجارة في الإسلام” جزء 1″

بقلم / محمــــد الدكــــروري

 

إن معاملات الناس اليومية تقوم على البيع والشراء، ولقد اهتمت الشريعة الإسلامية بأمور المعاملات بين الناس فوضعت ضوابط ربانية المنهج ليسير عليها الناس في معاملاتهم، فيسعدوا في حياتهم الدنيا، ويفوزا في الآخرة برضوان الله تعالى، وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين، فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وإن هناك وصايا غراء من سيد الأصفياء رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل تاجر في تجارته وكل صانع في صنعته، فالوصية الأولى وهي إتقان الصنعة وأول هذه الوصايا أيها الصناع الإتقان أتقن عملك و صنعتك واعلم أن الله تعالى يحب المتقنين فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت أن النبي صلى الله عليه و سلم قال “إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه” رواه البيهقي، وكذلك أيضا التزم بوعودك ولا تخلفها، لا كما نرى وما نسمع أن كثيرا من الصناع والتجار رأس مالهم.

 

هو إخلاف الوعود وعدم الالتزام بها، فلا ينبغي للصانع أن يعد الناس بما لا يقدر على وفائه، واحذر أن تكتم عيبا في تجارتك أو صنعتك لأن هذا من الغش المذموم كما ذكرنا أنفا ولان ذلك يوجب اللعن والطرد من رحمة الله تعالى، واحذر من الأيمان الكاذبة فإنهما تمحق البركة وتهين صاحبها فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، رجل كان له فضل ماء بالطريق فمنعه من ابن السبيل ورجل بايع إمامه لا يبايعه إلا لدنيا، فإن أعطاه منها رضي، وإن لم يعطه منها سخط، ورجل أقام سلعته بعد العصر فقال والله الذي لا إله غيره لقد أعطيت بها كذا وكذا، فصدقه رجل ثم قرأ هذه الآية “إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا” رواه البخاري، كما يجب على كل تاجر مسلم أن يؤمن بأن شهادة لا إله إلا الله تعني أنه لا معبود بحق إلا الله.

 

وأن شهادة أن محمدا رسول الله تعني أنه لا متبوع بحق إلا النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يعلم أن الغاية من خلق الناس هي عبادة الله وحده، حيث قال الله تعالى في سورة الذاريات ” وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون” وعليه أن يخلص أعماله في تجارته لله تعالى وحده، وأن يتجنب الشرك والرياء لأن ذلك محبِط للأعمال الصالحة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “قال الله تبارك وتعالى أنا أغنى الشركاء عن الشرك، مَن عمل عملا أشرك فيه معي غيري، تركته وشركه” رواه مسلم، وعلى التاجر المسلم أن يتوكل على الله، ويأخذ بأسباب الرزق الحلال له ولمن يعولهم، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لو أنكم كنتم توكلون على الله حق توكله، لرزقتم كما يرزق الطير، تغدو خماصا، وتروح بطانا” رواه الترمذي، وأما عن الأمانة في حفظ ورد الودائع.

 

فإنه تشمل الوديعة الأشياء العينية من مال ومتاع وكل ما يؤتمن عليه الإنسان يجب أن يؤديه إلى أصحابه كاملة غير منقوص، ووفق هذا المعنى جاء قوله تعالى كما في سورة المؤمنون ” والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون” فهم يؤدون الأمانات والودائع إلى أهلها، وإذا اؤتمنوا على شيء لم يخونوا، وجاء فـي الحديث الشريف عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له” وأداء الودائع وسائر الأمانات واجب ولا سيما إذا طلبها صاحبها، ومن لم يؤدها في الدنيا أخذت منه في يوم القيامة، فعن أبو هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لتؤدن الحقوق إلى أهلها، حتى يقتص للشاة الجمّاء من القرناء” رواه احمد، فالأمانة بمعنى الوديعة حقها الأداء حيث ورد الأمر بذلك في القرآن الكريم صراحة ومؤكدا بصيغة لام الأمر.

 

فقال الله تعالى في سورة البقرة ” فليؤدي الذي أؤتمن أمانته وليتقي الله ربه” وورد الأمر بصيغة التصريح بفعل الأمر برد الودائع والأمانات إلى أهلها، فقال الله تعالى كما جاء في سورة النساء ” إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلي أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل” وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال “القتل في سبيل الله يكفر الذنوب كلها إلا الأمانة، قال يؤتى بالعبد يوم القيامة وإن قتل في سبيل الله فيقال أدي أمانتك، فيقول أي رب، كيف وقد ذهبت الدنيا؟ فيقال انطلقوا به إلى الهاوية، وتمثل له أمانته كهيئتها يوم دفعت له، فيراها فيعرفها، فيهوي في أثرها حتى يدركها، فيحملها على منكبيه، حتى إذا ظن أنه خارج نزلت عن منكبيه فهو يهوي في أثرها أبد الآبدين، ثم قال الصلاة أمانة، والوضوء أمانة، والوزن أمانة، والكيل أمانة، وأشياء عددها وأشد ذلك الودائع” رواه البيهقي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى