مقال

الدكروري يكتب عن منازل الشهداء ” جزء 2″ 

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن منازل الشهداء ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكــروري

 

والصنف الثالث هو شهيد الآخرة، وهذا الصنف يعامل في الدنيا على أنه ميت كسائر الأموات، ولكنه عند الله تعالى في الشهداء، فمن هؤلاء الصنف الذي يموت غرقا، والذى يموت بداء في بطنه، والذي يموت بالطاعون، والذى يموت في الغربة، والذى يموت وهو يطلب العلم، وكذلك منهم المرأة التي تموت في طلقها، والذى يموت مظلوما كالذى يدافع عن ماله أو عرضه أو أهله أو نحو ذلك، فمن كرم الله تعالى على عباده أنه لم يجعل نيل رتبة الشهادة في الموت في قتال الذين كفروا، وإنما جعل كثيرا من الميتات شهادة، فما أكثر المغتربين في زمان الحروب، فإذا ثبتوا على دينهم هناك وماتوا فهم شهداء بإذن الله، وأولئك الذين تخطفهم الوباء ما أكثرهم، فليهنؤوا بالشهادة وليهنؤوا قبل ذلك برب كريم سبحانه وتعالى، فإن الشهادة المقبولة عند الله هي الشهادة الصادقة وليس الشهادة التي يخرج صاحبها ليستعرض طاقاته أمام الناس.

 

ليرضي غروره ويرضي الشيطان، ولكن الشهيد الحق هو الذى قد خرج من بيته يدفعه الصدق وحب الله تعالى، فحب الله يجعل المرء عبدا لله كما ينبغي، وبذلك تكون كل أفعاله نابعة من قلبه، ومن هنا تكون أعلى منازل الشهادة هي الشهادة في سبيل الله في قتال الكفار إقبالا من غير إدبار، وهنالك أيضا أنواع للشهداء قد ذكرها النبى صلى الله عليه وسلم، فى أحاديث كثيرة، ولكن مع فرق صغير وهو أنها تعامل في الدنيا معاملة الموتى العاديين من حيث التغسيل والتكفين والصلاة عليهم، ولكنهم عند الله في الشهداء، ومنهم خمسة أصناف قد ذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم، في حديث واحد، منهم شهيد المعركة الذي يعرف أنه الشهيد في سبيل الله، وأما الأصناف الأخرى فهى في قوله صلى الله عليه وسلم ” الشهداء خمسة، المطعون والمبطون والغريق وصاحب الهدم والشهيد فى سبيل الله ”

 

فالمطعون هو الذى يموت في مرض الطاعون، وهذا المرض من أشد الأمراض فتكا بالبشر، وقيل ليس هو فقط الطاعون، بل كل مرض يكون وباء يفتك بالبشر فهو طاعون، ومن يموت فيه هو شهيد، والثاني هو المبطون، وهو الذي يموت بسبب داء في بطنه، والثالث هو الغريق في الماء، وهذا الميت يعاني آلاما شديدة قبل الموت، أما الصنف قبل الأخير فهو الذى يقع عليه شيئا متهدما، كالذى يقع عليه جدار أو بناء أو نحو ذلك من الأسباب التي تؤدى إلى موته بسبب وقوع شيء ما عليه، والصنف الأخير هو المقتول فى سبيل الله، وقد قال النبى الكريم صلى الله عليه وسلم، أيضا “من قاتل دون ماله، فقتل فهو شهيد، ومن قاتل دون دمه، فهو شهيد، ومن قاتل دون أهله، فهو شهيد” فهذه أيضا ثلاثة أصناف أخرى للشهداء في الإسلام، فأما الأول فهو الذي يريد أحد أخذ ماله منه، فيقاتلهم ليدافع عن ماله.

 

فإن قتلوه فهو شهيد بإذن الله، أما الثاني فهو الذي يريد أحد ما قتله فيدافع عن نفسه، فإن قتله فهو شهيد أيضا، وأما الثالث فهو الذي يدافع عن أهله كزوجته وإخوته وأبنائه أو أحد والديه أو أحد أقاربه، فإن قتل وهو على تلك الحال من الدفاع فهو شهيد كذلك، ذلك أن الحق واحد وإن اختلفت الطرق الموصلة إليه، فالشهادة هي الحق، وقد اختط الله لها طرائق كثيرة توصل إليها، فأى طريق يسلكه العبد للوصول إلى الشهادة من الطرائق المشروعة فهو في سبيل الله تعالى، فإن مات وهو على تلك الطريق فإن الشهادة هي المنزلة التي يصيب، والجنة هي الأجر العظيم الذي قد أعده الله لأولئك السادة الكرام، وإن بركة الشهيد لا تقتصر عليه، بل تتعداه إلى أهله وذويه وأقاربه، فيقول صلى الله عليه وسلم ” للشهيد عند الله ست خصال، يغفر له في أول دفعة، ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويشفع في سبعين من أقاربه” .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى