مقال

الدكروري يكتب عن الإمام الزركلي ” جزء 1″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإمام الزركلي ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الإمام الزركلي هو خير الدين بن محمود بن محمد بن علي بن فارس الزركلي وهو من أصل كردي، وهو كاتب ومؤرخ وشاعر وقومي سوري، وولد الزركلي في التاسع من شهر ذي الحجة عام ألف وثلاثمائة وعشره من الهجرة، في بيروت، وهو الزركلي الدمشقي ثم السعودي الجنسية، المصري الوفاة، فأمه كانت عربية، وأبوه كان كردي، ولكن من أصل عربي، يُرجعه هو إلى قبيلة الأزارقة من الخوارج التي نزحت إلى كردستان، واندمجت مع أهلها، وقيل كان الزركلي رحمه الله أسمر، طوالا بين الرجال، أميل إلى النحافة، حلو القسمات، أما شمائله، فقد كان دمث الأخلاق، خفيف الروح، حلو الحديث، بارع النكتة، سريع البديهة، عصبي المزاج، يتبسط مع أصدقاءه ويتفقدهم، فيه لطافة وشفافية مع رحابة صدر، مالم تمسّ كرامته، وكان والده تاجرا دمشقيا معروفا، وتنقل الزركلي في عدد من البلاد العربية بين دمشق ومكة المكرمة والرياض.

 

والمدينة المنورة وعمان وبيروت والقاهرة، وغيرها ولقد كان شاعرا يهاجم الاستعمار الفرنسي بشعره البديع، ويتعاون مع المجاهدين في مقاومة الفرنسيين، فما كان من الفرنسيين المستعمرين إلا أن يحكموا عليه بالإعدام أكثر من مرة، وكان يفلت من أيديهم في كل مرة، ويهجوهم هجاء مرا في شعره، وعمل الزركلي في السلك الدبلوماسي السعودي، وشغل منصب وزير مفوض ومندوب للسعودية في جامعة الدول العربية، وفي عام ألف وتسعمائة وسبع وخمسين ميلادي تم تعيينه كسفير للسعودية في المملكة المغربية، وكان هذا آخر ما شغل من المناصب، وأصدر للصحافة كلا من صحيفة الحياة في القدس، وصحيفة لسان العرب، ومجلة الأصمعي، وصحيفة المُفيد في دمشق، وله في الطباعة والنشر المطبعة العربية التي أسسها في القاهرة، ومن أشهر مؤلفاته كتاب الأعلام وهو من أكبر كتب التراجم العربية في العصر الحديث.

 

وقضى في تأليفه وتجديده نحو ستون عاما، إضافة إلى نحو عشر مؤلفات أخرى، منها ديوان الزركلي الذي جُمعت فيه قصائده ونشرت بعد وفاته عام ألف وتسعمائة وثمانين من الميلاد، وكان لوالده تجارة فيها، ثم انتقلا عائدين به إلى دمشق وكان عمره سبع سنين، وما لبث أن توفي والده سنة ألف وثلاثمائة وعشرين من الهجرة، وتربي بما أبقاه له والده من ثروة، وكان يتنقل بين دمشق وبيروت، إلى أن نشبت الحرب العالمية الأولى فاستقر في دمشق، وافتتح متجرا، وعكف على طلب العلم ليلا، فقرأ على بعض مشايخ دمشق، ودرس بها في المدرسة العثمانية، ثم في الكلية العباسية، والكلية العلمانية في بيروت، وأخذ الزركلي العلم عن أئمة أعلام من شيوخ الشام وهم جمال الدين القاسمي وهو إمام الشام في عصره علما بالدين، وتضلعا في فنون الأدب، وكان سلفيّ العقيدة، لا يقول بالتقليد، له اكثر من ثمانون من المؤلفات، منها محاسن التأويل.

 

وهو في تفسير القرآن الكريم في سبعة عشر مجلدا، والشيخ طاهر بن صالح الجزائري، بحّاثة من أكابر علماء اللغة والأدب في عصره، واستوعب جملة معارف عصره القديمة منها والحديثة، كان كلفا بالمخطوطات والبحث عنها، وصاحب فكرة إنشاء المكتبة الظاهرية في دمشق، وأول مدير لها، كما كان من أعضاء المجمع العلمي العربي، له نحو عشرين مصنفا مطبوعا في مختلف الفنون، والشيخ عبد القادر بدران وهو فقيه أصولي حنبلي، عارف بالأدب والتاريخ، وله شعر، وكان سلفيّ العقيدة، فيه نزعة فلسفية، حسن المحاضرة، له عدة تصانيف في الفقه، وديوان شعر، والشيخ محمد بن عبدالرزاق كرد علي وهو رئيس المجمع العلمي العربي بدمشق ومؤسسه، وصاحب مجلة المقتبس، والمؤلفات الكثيرة، وأحد كبار الكتاب، ومن مؤلفاته خطط الشام وهو في ستة مجلدات، ومحمد كامل القصاب وهو عالم من زعماء الحركة الاستقلالية في سورية.

 

وسيرته فصل كامل من تاريخ الشام الحديث، أنشأ المدرسة الكاملية في دمشق، وعمل في الأعمال الوطنية، وتولي إدارة المعارف في الحجاز، ثم استعفى، واستقر في حيفا، وأنشأ فيها مدرسة، وألف مع الشهيد عز الدين القسام كتاب النقد والبيان، وعاد إلى دمشق وتوفي فيها، وأيضا من شيوخه هو الشيخ أبو الخير الميداني وهو عالم عامل، وتولي تدريس العلوم الإسلامية في معاهد دمشق سنوات طويلة، وكان له تأثير كبير في الناس، وتوفي في دمشق، ونشأ في دمشق وتعلم في مدارسها الأهلية وأخذ عن معلميها الكثير من العلوم خاصة الأدبية منها وكان مولعا في صغره بكتب الأدب، وقال الشعر في صباه، وأتم دراسته بالقسم العلمي في المدرسة الهاشمية بدمشق، ثم عمل فيها مدرسا بعد التخرج، كما أصدر مجلة الأصمعي الأسبوعية فصادرتها الدولة العثمانية، وانتقل إلى بيروت لدراسة الآداب الفرنسية في الكلية العلمانية وهي اللاييك.

 

وبعد التخرج تم تعيينه في نفس الكلية أستاذا للتاريخ والأدب العربي، وبعد الحرب العالمية الأولى، أصدر في دمشق جريدة يومية أسماها لسان العرب إلا أنها تم غلقها، ثم شارك في إصدار جريدة المفيد اليومية وكتب فيها الكثير من المقالات الأدبية والاجتماعية، على أثر معركة ميسلون ودخول الفرنسيين إلى دمشق حُكم عليه من قبل السلطة الفرنسية بالإعدام غيابيا وحجز أملاكه إلا إنه كان مغادرا دمشق إلى فلسطين، ثم مصر فالحجاز، وفي سنة ألف وتسعمائة وواحد وعشرين ميلادي تجنس الزركلي بالجنسية العربية في الحجاز، وانتدبه الملك حسين بن علي لمساعدة ابنه الأمير عبد الله بإنشاء الحكومة الأولى في عمان، حيث تم تكليفه بمنصب مفتش عام في وزارة المعارف ثم رئيسا لديوان الحكومة لمدة عامين وكان ذلك من عام ألف وتسعمائة وواحد وعشرين حتي ثلاثة وعشرين من الميلاد، ولقد ألغت الحكومة الفرنسية قرار الإعدام على الزركلي فرجع إلى بلده سورية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى