مقال

الدكروري يكتب عن الإيمان وسكرات الموت ” جزء 5″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإيمان وسكرات الموت ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم “لو يعلم المؤمن ما عند الله تعالي من العقوبة ما طمع بجنته أحد ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من رحمته أحد” رواه مسلم، وهكذا ينبغي للإنسان أن يذكر نفسه وغيره فيخوف ويرجي ويكون الخوف في الصحة أغلب عليه منه في المرض، وجاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج على الصحابة وهم يضحكون فقال “أتضحكون وبين أيديكم الجنة والنار فشق ذلك عليهم، فنزلت الآية الكريمه ” نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم” وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال اطلع علينا النبي صلى الله عليه وسلم من الباب الذي يدخل منه بنو شيبة ونحن نضحك فقال مالكم تضحكون لا أراكم تضحكون ثم أدبر حتى إذا كان عند الحجر رجع القهقرى فقال لنا إني لما خرجت جاءني جبريل فقال يا محمد لم تقنط عبادي من رحمتي نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم.

 

فالقنوط إياس والرجاء إهمال وخير الأمور أوساطها، وهكذا يعيش الإنسان في هذه الحياة ما كَتب الله تعالي له من الأعوام والشهور والأيام، ثم يرتحل، حيث يقول الله تعالى كما جاء في سورة الأعراف ” فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون” وقال سبحانه وتعالي في سورة آل عمران ” كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور” فالموت حتم لازم لكل أحد، قال الله عز وجل كما جاء في سورة الرحمن ” كل من عليها فان ويبقي وجه ربك ذو الجلال والإكرام” والموت مصيبة، حيث قال الله جل جلاله ” فأصابتكم مصيبة الموت” وأعظم منه الغفلة عنه، فقال الإمام القرطبي رحمه الله قال علماؤنا وأعظم منه الغفلة عنه، والإعراض عن ذكره، وقلة التفكر فيه، وترك العمل له، وإن من أعظمِ ما ينبغي أن يحرص عليه المسلم هو ختام حياته وحسن لقاء ربه، فمن وفقه الله للعمل الصالح في آخر عمره.

 

وفي آخر ساعة من الأجل، فقد كتب الله له حُسن الخاتمة، ومن ختمت ساعة أجله بعمل سيّء أو ذنب يُغضب الله عز وجل، فقد خُتم له بخاتمة سُوء والعياذ بالله، وقد أمرنا الله تعالي بالحرص علي نيل الخاتمة الحسنة فقال تعالي كما جاء في سورة آل عمران ” يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون” كما أنه سبحانه وتعالي رغب وحث في كتابه الكريم علي حسن الإستعداد للقائة سبحانه وتعالي بالعمل الصالح فقال كما جاء في سورة الكهف ” فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا” وإن لأهمية هذه اللحظة الحاسمة في حياة الإنسان كان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يوصون من يلونهم بالحرص على نيل حُسن الخاتمة، فقال سبحانه وتعالي كما جاء في سورة البقرة “ووصي بها إبراهيم بنية ويعقوب يا بني إن الله اصطفي لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون” وقال تعالى في كتابة العزيز عن قول يوسف عليه السلام.

 

” توفني مسلما وألحقني بالصالحين” فحُسن الخاتمة هو أمل ودعاء الصالحين والأتقياء الذين قص علينا ربنا سبحانه وتعالى أخبارهم، فقال عز وجل حكاية عن دعاءهم ” ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار” وكان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم “يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك” كما أنه صلوات ربي وسلامه عليه كان يتعوذ بالله تعالى من شر فتنة المحيا والممات، وفتنة الممات هي الساعة التي يكون فيها العبد في إدبار من الدنيا وإقبال على الآخرة، ويحاول الشيطان أن يفتنه في دينه ويحُول بينه وبين الإيمان بالله، فعندها يثبت الله عز وجل المؤمن بالقول الثابت فيقول لا إله إلا الله محمد رسول الله، وفي هذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم ” من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة” وإن لحسن الخاتمة أسباب وأعظم أسبابه هو إخلاص النية لله، والصدق في عبادته وتقواه فقال تعالى كما جاء في سورة الأحزاب.

 

” من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا، ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفورا رحيما” فإن صدق العبد مع الله بالطاعة سلك به طريق المصلحين، وختم له بالحُسنى، ومن أسباب حسن الخاتمة هو الاستقامة على العمل الصالح، وهي أن يلزم الإنسان طاعةَ الله في كل أحواله، فمن عاش على شيء مات عليه، فقال سبحانه وتعالي في سورة إبراهيم ” يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة وفي الآخرة” وقد بشر الله تعالى أهل الاستقامة بتأييد الملائكة وتثبيتهم لهم عند الممات، كما أن حُسن الظن بالله تعالى من أهم الأسباب التي يُوفق بها العبد لحُسن الخاتمة، وهو أن يرجو الإنسان سعة رحمة الله تعالى، وكرمه في مغفرة ذنوبه، فقال صلى الله عليه وسلم ” لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل” وإن من أعظم ما يُورث حُسن الخاتمة هو تعجيل التوبة والصدق فيها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى