مقال

الدكروري يكتب عن العبد وحسن الخاتمة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن العبد وحسن الخاتمة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن من الأعمال الصالحة التي تكون سببا في حسن الخاتمة هي الصدقة، حيث قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله، الصدقة من فوائدها أنها تدفع ميتة السوء، فتكون سببا لحسن الخاتمة، وكذلك أيضا هو سؤال الله عز وجل حُسن الخاتمة، فقال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله في ترجمة أحمد بن مظفر بن أبي محمد بن مظفر بن بدر بن حسن بن مفرج بن بكار النابلسي رحمه الله كان يقول أشتهي أن أموت وأنا ساجد فرزقه الله ذلك، وجاء في ترجمة محمد منصور الراجحي رحمه الله أنه كان كثيرا ما يدعو الله أن يموت تحت حوافر الخيل، أي في الجهاد، فمات بمكة في الزحام أثناء السعي تحت أقدام الحجاج، وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله كان السلف يرون أن من مات عقيب عمل صالح كصيام رمضان، أو عقيب حج أو عمرة أنه يُرجى له أن يدخل الجنة” وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

” يبعث كل عبد على ما مات عليه” رواه مسلم، فهنيئا لمن مات أثناء قيامه بعمل صالح، وأيضا من أسباب حسن الخاتمه هو من مات بعد أن تشهد، فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من كان آخر كلامه لا إله إلا الله، دخل الجنة” رواه أبو داود، وأيضا من أسباب حسن الخاتمه هو من مات وهو صائم، فعن حذيفة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “مَن خُتم له بصيام يوم، دخل الجنة” رواه البزار، وأيضا من أسباب حسن الخاتمه هو من مات وهو ساجد، حيث قال الله عز وجل كما جاء في سورة العلق ” فليدع نادية، سندع الزبانية، كلا لا تطعه واسجد واقترب” فالعبد أقرب ما يكون من ربه وهو ساجد، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد” رواه مسلم، فهنيئا لمن تكرّم الله عليه، فقبضه إليه وهو ساجد.

 

وأيضا من أسباب حسن الخاتمه هو من مات وهو محرم، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلا، كان مع النبي صلى الله عليه وسلم مُحرّما، فوقصته ناقته، فمات، فقال عليه الصلاة والسلام “اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تحنطوه، ولا تخمروا رأسه، فإنه يبعث يوم القيامة مُلبيا” متفق عليه، وأيضا فإن من أسباب حسن الخاتمة، هو الدعاء والتوبة، وذلك بأن تتوجه إلى الله عز وجل بالدعاء، وتبكي وتتذلل بين يديه سبحانه وتعالي بأن يثبت قلبك على الإيمان، وأن يرزقك حُسن الخاتمة، فهذا هو النبي الكريم صلى الله عليه وسلم كان لا يفتر لسانه عن هذا الدعاء “يا مُقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك” رواه الترمذي، وها هو الحق سبحانه وتعالي يُعلمنا ويحثنا على أن ندعو بهذا الدعاء العظيم ” ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمه إنك أنت الوهاب” وكان من دعاء الصالحين أن يتوفاهم اللهُ تعالى على الإيمان.

 

وأن يكفر عنهم السيئات، وأن يتوفاهم مع الأبرار، وفي ذلك يقول عنهم الله تعالى كما جاء في سورة آل عمران ” ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار” وقد كان مطلب نبي الله يوسف عليه السلام حين دعا ربه عند انقضاء أجله وذهاب عمره أن يميته على الإسلام، ويحشره في زمرة الصالحين، كما قال رب العالمين عنه في سورة يوسف ” رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السموات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين” فأنه لا ملجأ من الله إلا إليه فعليك أن تلجأ إليه في كل وقت وحين ودائما وأبدا، وأدعو الله أن يرزقَك حسن الخاتمة، وأن يكرمك بصحبة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، وألا يحرمك من نعمة النظر إلى وجهه الكريم عز وجل، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم “إن الله عز وجل يقبل توبة العبد ما لم يغرغر”

 

ومعني كلمة ما لم يغرغر أي لم تبلغ روحه الحلقوم، وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “التائب من الذنب كمن لا ذنب له” فمن تاب ومات على تلك التوبة، فقد رزقه الله حُسن الخاتمة لأنه يبعث تائبا يوم القيامة من كل الذنوب، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم “من مات على شيء، بعثه الله عليه” وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا، فسأل عن أعلم أهل الأرض، فدُل على راهب، فأتاه فقال إنه قتل تسعة وتسعين نفسا، فهل له من توبة؟ فقال لا، فقتله، فكمل به مائة، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض، فدُل على رجل عالم، فقال إنه قتل مائة نفس، فهل له من توبة؟ قال نعم، ومن يحول بينه وبين التوبة؟ انطلق إلى أرض كذا وكذا، فإن بها أناسا يعبدون الله، فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء، فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت.

 

فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، قالت ملائكة الرحمة جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله، وقالت ملائكة العذاب إنه لم يعمل خيرا قط، فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم فقال قيسوا ما بين الأرضين، فإلى أيتهما كان أدنى فهو له، فقاسوه، فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد، فقبضته ملائكة الرحمة” رواه مسلم، وقال قتادة قال الحسن “ذُكر لنا أنه لما آتاه الموت نأى بصدره” وفي رواية “فأوحى الله إلى هذه أن تقاربي، وأوحى إلى هذه أن تباعدي، وقال قيسوا ما بينهما، فوجدوه إلى هذه أقرب بشبر، فغفر له” فسبحان الله العظيم الملك القدوس الأرض كلها بجبالها وأنهارها وكل ما عليها تتحرك بإذن من الله من أجل تائب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى