مقال

الدكروري يكتب عن الرفق والتواضع

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الرفق والتواضع

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن من أعظم أسباب الثبات على الحق هو دعوة الناس إليه وثبتهم عليه فإنه جهاد، والمجاهد لله وبه مثبت ومهدي ومن دل على خير فله مثل أجر فاعله، ومن دعى إلى الهدى كان له مثل أجور من تبعه، وقال صلى الله عليه وسلم ” فو الله لأن يهدى الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم” وإن التواضع لله عز وجل من القيم الإسلامية الإيجابية، وقد ورد الأمر من الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم بالتواضع، إذ قال تعالى ” واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين” ويقصد بالتواضع انكسار القلب وخضوعه لله سبحانه وتعالى، مع خفض الجناح والرحمة للعباد، ومن أعظم وأجلّ صور التواضع، هو التواضع لله تعالى، إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم، شديد التواضع لربه، قائما بالعبادات والأوامر، ناهيا العباد عن الغلو في إطرائه والثناء عليه لئلا يصل العباد بذلك لعبادته من دون الله تعالى، كما كان النبي متواضعا للعباد.

 

فكان يمر بالصبيان ويلقي السلام عليهم، كما كان حريصا على عيادة المريض، وحضور الجنازة، وإجابة الدعوة، وعُرف بحُسن عشرته لزوجاته، ومن القيم أيضا هو الرفق ويقصد به اليسر والسهولة في الأمور، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم رفيقا، ومن صور رفقه اختياره للأمور اللينة، إذ روى الإمام مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم “ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين أحدهما أيسر من الآخر، إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما” وهكذا تعتبر القيم الإسلامية بمثابة الجانب الروحي والمعنوي للحضارة الإسلامية، فهي أساسها، وهي كذلك التي تضمن صمود وبقاء الحضارة في كل عصر وعبر كل جيل، وتجدر الإشارة إلى أن الحضارة الإسلامية تعتبر من أكثر الحضارت التي أوفت الأخلاق حقها، فقد بُعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم لأجل إتمام مكارمها، وتتميز القيم والأخلاق في الإسلام.

 

 

بأن مصدرها الوحي فلم تكن نتيجة فكر بشري أو غيره، وتنعكس أهمية القيم الإسلامية على الفرد والمجتمع بأكمله، فأهمية القيم الإسلامية للفرد، بأنها تساعد القيم الإسلامية على بناء شخصية المسلم، وتحديد أهدافه في حياته، فضلا عن أنها تسهل التعامل معه لسهولة التنبؤ بردود أفعاله وتصرفاته عندما تعرف قيمه وأخلاقه، كما إن للقيم الإسلامية أثرا كبيرا في ضبط الشهوات والمطامع، وإصلاح الأخلاق والنفس، وهذا ما يدفع الإنسان إلى الإحسان وعمل الخير، هذا بالإضافة إلى دور القيم الإسلامية في تقوية النفس فلا تضعف في المواطن التي يجدر بها أن تكون قوية، وتعمل على صون تصرفات الشخص من الانتقادات والتناقضات، وبذلك تشعره بالأمان، وتمنحه حرية التعبير عن نفسه، وتعمل على تحسين إداكه وفهمه للأمور من حوله، وتدفعه إلى العمل وتوجه نشاطه وتحفظه، وتحرص على تناسقه مع النشاطات الأخرى.

 

وكما تساعد القيم الإسلامية في المحافظة على تماسك المجتمع ووحدته واستقراره، بالإضافة إلى دورها الفعال في تمكين المجتمع من مواجهة التغيرات التي قد يتعرض لها بين حين وآخر، كما إنها تحمي المجتمع من النزوات والشهوات الطائشة والأنانية المفرطة، وتعمل على ربط أجزاء ثقافة المجتمع ببعضها، فتبدو متناسقة مبنية على أساس علمى يرسخ في أذهان الأفراد، وترد القيم مفردا مصدرا ومنه قول الحق سبحانه وتعالى ” دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا” وكذلك فى قوله تعالى فى سورة النساء ” ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التى جعل الله لكم قياما” فالشيء القيم الذي له قيمة عظيمة، وتبعا لهذا فإن القيم هي تلك المبادئ الخلقية التي تمتدح وتستحسن، وتذم مخالفتها وتستهجن، ونبينا صلى الله عليه وسلم يخبرنا أن إكرامنا لمن هو أقدمنا سنا أن ذلك من تعظيمنا لربنا وإجلالنا لربنا عز وجل، فيقول صلى الله عليه وسلم.

 

“إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة من المسلمين، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وذي السلطان المقسط” فمن إجلال الله أن تكرم هؤلاء الثلاثة ذو الشيبة من أهل الإسلام، تكرمه، ترحم كبره، تخاطبه بخطاب لين، تقضي حاجته، تعينه على نوائب الدنيا، تعرف له كبره وضعف قوته وعجزه عن التصرف، فكل هذه الأمور تكون في فكرك، فتعامِل ذا الشيبة المعاملة الطيبة، التي تنم عن رحمة وأدب حسن، ومن كان حاملا لكتاب الله الحمل الشرعي، ليس غاليا فيه، فإن الغالي في القرآن يخرج به غلوه عن المنهج والطريق السوي، كما خرج بفرقة الخوارج، الذين ساء فهمهم للقرآن، وقل وعيهم وإدراكهم حتى استحلوا دماء المسلمين، فكفروهم واستحلوا دماءهم وأموالهم، والغالي في القرآن تراه متكبرا على غيره، مكفرا لغيره، معتقدا ضلال غيره بلا فكر ولا رأي مصيب، أو الجافي عنه الذي حمله فعطل العمل به، ولم يقم بحقوقه، عافانا الله وإياكم من ذلك، وكذلك ذو السلطان المقسط العادل، تكرمه لإمامته وقيامه بشأن رعيته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى