مقال

الدكروري يكتب عن أهمية الأخلاق ومكانتها في الرسالة المحمدية

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن أهمية الأخلاق ومكانتها في الرسالة المحمدية

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن التوكل هو صدق الاعتماد على الله عز وجل، في جلب المنافع ودفع المضار، وقال الإمام الشافعي رحمه الله، صبرا جميلا ما أقرب الفرج من راقب الله في الأمور نجا، فيا أيها العامل أو الموظف قد تمر بك ساعات شدة، قد تفصل من عملك، أو تفقد وظيفتك، فينزل بك الكرب، ويركبك الهم، أين تذهب؟ وماذا ستفعل؟ وكيف تعيش؟ ومن أين تكسب اللقمة التي تضعها في أفواه أولادك؟ وما مصيرهم؟ ولكن اعلم أن الله هو الرزاق ذو القوة المتين، وأنه يرزق الطير في جوها، والنمل في جحرها، وأن الله لا يضيع عباده، واتق الله في جميع أمورك، حتى يجعل الله لك فرجا، ويرزقك من حيث لا تحتسب، وهكذا تظهر أهمية الأخلاق ومكانتها في الرسالة المحمدية حتى أصبحت شعارا للدين تمثله كله، وإن العامل الأكبر في بناء الحضارات وانتشار الإسلام في عصر النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والسلف الصالح إنما هو مكارم الأخلاق الكريمة.

 

التي لمسها المدعون في هذا الجيل الفذ من المسلمين، سواء كانت هذه الأخلاق في مجال التجارة من البيع والشراء، مثل الصدق والأمانة، أو في مجال الحروب والمعارك، وفي عرض الإسلام عليهم وتخييرهم بين الإسلام أو الجزية أو المعركة، أو في حسن معاملة الأسرى أو عدم قتل النساء والأطفال والشيوخ والرهبان، فهذه الأخلاق دفعت هؤلاء الناس يفكرون في هذا الدين الجديد الذى يحمله هؤلاء، وغالبا كان ينتهي بهم المطاف إلى الدخول في هذا الدين وحب تعاليمه، ومؤاخاة المسلمين الفاتحين في الدين والعقيدة، فهذه الأخلاق أثارت إعجاب الباحث الفرنسي كليمان هوارت حيث يقول لم يكن محمد نبيا عاديا، بل استحق بجدارة أن يكون خاتم الأنبياء، لأنه قابل كل الصعاب التي قابلت كل الأنبياء الذين سبقوه مضاعفة من بني قومه، فإنه نبي ليس عاديا من يقسم أنه لو سرقت فاطمة ابنته لقطع يدها، ولو أن المسلمين اتخذوا رسولهم قدوة في مكارم الأخلاق.

 

لأصبح العالم مسلما، فعلينا أن نتحلى بحسن الخلق وبسط الوجه وحب الآخرين، وما أجمل قول ابن حبان الواجب على العاقل أن يتحبب إلى الناس بلزوم حسن الخلق، وترك سوء الخلق، لأن الخلق الحسن يذيب الخطايا كما تذيب الشمس الجليد، وإن الخلق السيء يفسد العمل كما يفسد الخل العسل، وقد تكون في الرجل أخلاق كثيرة صالحة كلها، وخلق سيئ، فيفسد الخلق السيئ الأخلاق الصالحة كلها، فإننا في حاجة إلى أن نقف وقفة مع أنفسنا وأولادنا وأهلينا في غرس مكارم الأخلاق والتحلي بها، نحتاج إلى نولد من جديد بالأخلاق الفاضلة، ونحتاج إلى نغير ما في أنفسنا من غل وحقد وكره وبخل وشح وظلم وقهر ودفن للقدرات والمواهب إلى حب وتعاون وإيثار وعدل ومساواة ورفع الكفاءات، إذا كنا نريد حضارة ومجتمع وبناء دولة، فهل لذلك أذن واعية ؟ فالمجتمع عبارة عن أسر، فلو أن كل واحد منا أنشأ أسرة سوية متينة فمن مجموع هذه الأسر.

 

نبني دولة وأمة ومجتمعا قويا متماسكا، فإن للأسرة دورا كبيرا في رعاية الأولاد منذ ولادتهم وفي تشكيل أخلاقهم وسلوكهم، وما أجمل عبارة إن وراء كل رجل عظيم أبوين مربيين، وكما يقول بعض أساتذة علم النفس أعطونا السنوات السبع الأولى للأبناء نعطيكم التشكيل الذي سيكون عليه الأبناء، وكما قيل الرجال لا يولدون بل يُصنعون، ولقد فطن الغرب إلى أهمية الأسرة في بناء المجتمع والأمم والدول والحضارات، واعتبروا هدم الأسرة هدما للحضارة كلها، ويقول أحد المستشرقين إذا أردت أن تهدم حضارة أمة فهناك وسائل ثلاث، هي اهدم الأسرة، واهدم التعليم، وأسقط القدوات، ولكي تهدم الأسرة عليك بتغييب دور الأم، اجعلها تخجل من وصفها بربة بيت، ولكي تهدم التعليم عليك بالمعلم لا تجعل له أهمية في المجتمع وقلل من مكانته حتى يحتقره طلابه، ولكي تسقط القدوات عليك بالعلماء والآباء اطعن فيهم قلل من شأنهم.

 

شكك فيهم حتى لا يسمع لهم ولا يقتدي بهم أحد، فإذا اختفت الأم الواعية، واختفى المعلم والأب المخلص، وسقطت القدوة، فمن يربي النشء على القيم؟ إذن تبدأ المسؤولية والأهمية من الأسرة، فالأسرة التي تربي أبناءها وتنمي قدراتهم وتغرس في نفوسهم حب الخير وحب الناس وحب العمل وحب الوطن والتمسك بالأخلاق والشمائل الإسلامية، ومن العوامل هو الدفاع عن الوطن من الأعداء والحاسدين، إنما هي تقوم ببناء المجتمع، أما تلك الأسرة التي لا تهتم بأبنائها وتترك لهم الحبل على الغارب ولا تنشئهم تنشئة اجتماعية سليمة، إنما هي تهدم المجتمع وإن كذلك من عوامل بناء الحضارات هو مواجهة الدعوات الهدامة وتطهير العقول من الأفكار المتطرفة، فمن أهم وسائل بناء الدولة مواجهة الإرهاب وتطهير عقول الشباب من الأفكار المتطرفة لأن الناس لو استقامت عقولهم، صاروا يفكرون فيما ينفعهم ويبتعدون عما يضرهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى