مقال

الدكروري يكتب عن آباء فرطوا في مسؤوليتهم

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن آباء فرطوا في مسؤوليتهم

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الأسرة تمثل ساحة انطلاق والتقاء الثقافة والمجتمع والشخصية، فهى العامل الأصيل فى تحويل الإنسان من فرد بيولوجى إلى شخصية اجتماعية، باعتبار كونها النافذة الأولى التى ينظر من خلالها على أخلاق المجتمع وثقافته، ومن ثمّ تقوم الأسرة بتشكيل ضمير الفرد الداخلى مع تحديد أدواره ومكانته فى شبكة العلاقات الاجتماعية بدوائرها المختلفة، وهى سمات مميزة للدور الاجتماعى الذى تنطلق منه الأسرة لتعليم أفرادها كيفية التعامل مع الآخرين وتكوين العلاقات الاجتماعية من خلال إرشادهم إلى انتقاء الأصحاب، وأساليب التفاعل مع من حولهم، فضلا عن تحذير الأبناء من المخاطر المحيطة بهم، كرفقاء السوء، والعادات السيئة، والانحرافات الفكرية، ويضاف إلى ذلك الجهود التى تقوم بها الأسرة فى الارتقاء بالجانب النفسى للفرد من المساعدة فى تحقيق الاستقرار لدى أفرادها والإحساس بالأمان، وزيادة شعورهم بالحنان والرحمة.

 

والحب والسلام والراحة النفسية، وضرورة الابتعاد عن مواطن الهلاك ودوائر الضياع، وإن الطفل أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة، فإن عُوّد الخير وتعلمه نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة، وإن عُوّد الشر وأهمل إهمال البهائم شقي وهلك، وكان الوزر في رقبة القائم عليه وولي أمره، ومهما كان الأب يصونه عن نار الدنيا فأن يصونه عن نار الآخرة أولى، ونقبول بأنه لو ولدك الآن يريد أن يقع في نار من نار الدنيا، لرأيت الأب يريد أن يصونه عنها، فكونه يصونه عن نار الآخرة التي تفوق نار الدنيا بسبعين ضعف أولى وأهم وأوجب، وصيانته بأن ينشئه على دين الله سبحانه وتعالى، وأن يراقبه في أفعاله، وأن يكون طعامه حلالا، فإن اللبن الحاصل من الحرام لا بركة فيه، ولقد تفضل الله على عباده بنعم لا تحصى ومنن لا تستقصى فكل نعمة يراها العبد على نفسه هبة من الله، حيث قال تعالى ” وما بكم من نعمة فمن الله ”

 

واعلموا أن هناك نعما خص الله بها فئة من الناس وحرمها فئة أخرى، وهو ابتلاء منه سبحانه، وتمحيصا لعباده، ليميز الخبيث من الطيب، فقال تعالى ” ولله ملك السموات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور، أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير ” فمن أعظم النعم على الإنسان بعد نعمة الإسلام، ونعمة الولد، ولا سيما الولد الصالح، وإن نعمة الولد لا يعرف قدرها إلا من حُرمها، فكم من الناس من مُنع نعمة الأبوة والأمومة، فتراه يسعى جاهدا ليلا ونهارا، بكل ما أوتي من جهد ومال للحصول على الولد الذي فقده، ولكن قدرة الله تعالى فوق الطاقات والأموال المهدرات، لأنه سبحانه عليم قدير، يختبر العباد، ويمتن على الإنسان، فاصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون، فاحذروا أيها الناس من التفريط في تربية الأبناء، أو التخلي عن المسؤولية تجاههم، فهذا هو الغدر.

 

وتلكم هي الخيانة وذلكم هو الغش الموصل إلى النار، فارعوا أبناءكم وأدوا أماناتكم وانصحوا لأولادكم، فكل مسؤول عن رعيته، فكم من آباء من فرطوا في مسؤوليتهم، وأضاعوا أماناتهم وأهملوا أولادهم ومن تحت ولايتهم ولقد تفاقم الوضع وتعاظم الأمر، وتطاير الشرر، عندما تخلى الآباء عن مسؤولية التربية الصحيحة وأهملوا الإلمام بأسس العناية السليمة، فليست التربية عنف كلها، ولا رخو جلها، بل هى شدة في غير عنف ولين في غير ضعف، هكذا هي التربية، وإن المفهوم الشامل للتربية يرى بأن التربية هي الوسيلة التي تساعد الإنسان على بقائه واستمراره ببقاء قيمه وعاداته ونظمه السياسية والاجتماعية والاقتصادية، والتربية في نظر البعض تأخذ منظورا دينيا ويعتبره البعض عملية هدفها هو الحصول على الإنسان السوي المعتدل، كما أقرت بذلك كل الديانات السماوية والتربية عملية ضرورية لكل من الفرد والمجتمع معا.

 

فضرورتها للإنسان الفرد تكون للمحافظة على جنسه وتوجيه غرائزه وتنظيم عواطفه وتنمية ميوله بما يتناسب وثقافة المجتمع الذي يعيش فيه والتربية ضرورية لمواجهة الحياة ومتطلباتها وتنظيم السلوكيات العامة في المجتمع من أجل العيش بين الجماعة عيشة ملائمة، وتظهر ضرورة التربية للفرد بأن التراث الثقافي لا ينتقل من جيل إلى جيل بالوراثة ولكنها تكتسب نتيجة للعيش بين الجماعة وإن التربية ضرورية للطفل الصغير لكي يتعايش مع مجتمعه كما أن الحياة البشرية كثيرة التعقيد والتبدل وتحتاج إلى إضافة وتطوير وهذه العملية يقوم بها الكبار من أجل تكيف الصغار مع الحياة المحيطة وتمشيا مع متطلبات العصور على مر الأيام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى