مقال

الدكروري يكتب عن تعظيم حق الجار

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن تعظيم حق الجار

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إنه يجب تربية أهل البيت من زوجة وولد على تعظيم حق الجار، وكف الأذى عنه، ويخبرهم بما في إكرام الجار من عظيم الأجر، وما في أذيته من الوعيد الشديد فإن الأذية قد لا تصدر من الرجل لجاره، ولكن من زوجه أو ولده، ولو وقع ذلك منهم فلا يتساهل به، بل يظهر غضبه عليهم مما وقع منهم من أذية جيرانهم ليعلموا أن هذا الأمر شديد فلا يتهاونون به، والرجل سلطان أهله وولده، والله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، وعن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهما قالا، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ” ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه” متفق عليه، وعن أبي ذر رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم “يا أبا ذر، إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك” رواه مسلم، وفي رواية له عن أبي ذر قال ” إن خليلي صلي الله عليه وسلم أوصاني إذا طبخت مرقا فأكثر ماءه، ثم انظر أهل بيت من جيرانك فأصبهم منها بمعروف”

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال أن النبي صلي الله عليه وسلم قال ” والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قيل من يا رسول الله؟ قال الذي لا يأمن جاره بوائقه” متفق عليه، وفي رواية لمسلم “لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه” وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم “يا نساء المسلمات لا تَحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة” متفق عليه، وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم “خير الأصحاب عند الله تعالى خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره” رواه الترمذي، وقيل أنه جاء رجل إلى الصحاب الجليل عبد الله بن مسعود وقال له إن لي جارا يؤذيني ويشتمني ويضيّق عليّ، فقال ابن مسعود اذهب فإن هو عصى الله فيك فأطع الله فيه، بلغ ابن المقفع أن جارا له يبيع داره في دين ركبه.

 

وكان يجلس في ظلّ داره فقال ما قمت إذن بحرمة ظل داره فدفع إليه ثمن الدار وقال لا تبيعها، ولكن من هو الجار؟ فإن الجار هو الذي يلاصق أو يقرب سكنه من سكنك، وحدد العلماء دائرة الجيرة إلى مدى أربعين دارا من كل جهة من أمام، وخلف ويمين وشمال، ومن كان هذه حاله فله من الحقوق وعليه من الواجبات ما يجعل الجوار نعمة وراحة، والإسلام يقوم على جملة مرتكزات ترتقي بالفرد وتسمو بالمجتمع، ومن أهم تلك المرتكزات هي المبادئ الأخلاقية والقيم الفاضلة التي تجعل من الأمة أسرة مترابطة، ولكي تسلم العلاقات الاجتماعية ينبغي أن تقوم على الأسس التي دعا إليها القرآن الكريم حيث قال تعالى كما جاء في سورة الحجرات ” يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير” وذكرت الآثار بأن المعتزل عن الناس مفارق للجماعة، مُخالف للسنة.

 

فالمرء قليل بنفسه كثير بإخوانه، ولذا حرص الإسلام على عقد روح التعاون بين الجيران ومن مظاهر الإيمان الكامل أن يحب الإنسان لجاره ما يحب لنفسه، حيث قال صلى الله عليه وسلم “والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لجاره ما يحب لنفسه” رواه مسلم، وإن حقوق الجار كثيرة منها هو إلقاء السلام وردّه، لما في ذلك من ربط القلوب بعضها ببعض، وهو عمل صالح رفيع، وأبخل الناس مَن بخل بالسلام، ومن الأمور الحسنة السلام على أولاد الجيران، وتدريبهم على آداب الشريعة، ومن حق الجار على جاره أن يزوره إذا مرض ويسأل عن صحته، ويدعو له ويأمره بالصبر، ويستحب تخفيف الزيارة لئلا يشق ذلك على المريض، وإذا مات الجار فإن له حقا على جيرانه، وهو أن يتبعوا جنازته، وأن ينظموا الأمر لإعداد الطعام لأهل الميت لأنهم مشغولون بميتهم، ومن حق الجار على جاره أن يجيب دعوته إلى الوليمة إن دعاه.

 

 

زيادة للمودة وصلات الصفاء، ومما يجدر بالمسلم أن يكون ستارا لعيوب جاره وذلك ليستره الله في حياته الدنيا ويوم العرض الأكبر، ومن حقوق الجار على جاره هو عدم التطاول عليه بالبنيان، وعدم إيذائه بالأصوات المرتفعة، وأوصت السنة بالإحسان إلى الجار، حتى لو كان غير مسلم، ما دام فردا يعيش في المجتمع الإسلامي، فالإسلام يريد للمجتمع أن يشمله التكافل ويعمه التراحم، وعن مجاهد قال كنت عند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وغلام يسلخ له شاة، فقال يا غلام، إذا سلخت فابدأ بجارنا اليهودي، حتى قال ذلك مرارا، فقال له كم تقول هذا ؟ فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يزل يوصينا بالجار حتى خشينا أَنه سيُورثه” رواه أبو داود والترمذي، وأقرب الجيران بابا أحقهم بالإحسان، فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت “قلت يا رسول الله، إن لي جارين، فإلى أيهما أهدي؟ قال “إلى أقربهما منك بابا” رواه البخاري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى