مقال

الدكروري يكتب عن الحق المبين المؤيد بالأدلة والبراهين

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الحق المبين المؤيد بالأدلة والبراهين

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إنه لا يوجد شيء ألذ للقلوب، ولا أشهى ولا أحلى من محبة خالقها سبحانه وتعالي، والأنس به ومعرفته عز وجل، وعلى قدر معرفتها بالله ومحبتها له، يكون ذكرها له، هذا على القول بأن ذكر الله، ذكر العبد لربه، من تسبيح وتهليل وتكبير وغير ذلك، وقيل إن المراد بذكر الله هو كتابه الذي أنزله ذكرى للمؤمنين، فعلى هذا معنى طمأنينة القلوب بذكر الله أنها حين تعرف معاني القرآن وأحكامه تطمئن لها، فإنها تدل على الحق المبين المؤيد بالأدلة والبراهين، وبذلك تطمئن القلوب، فإنها لا تطمئن القلوب إلا باليقين والعلم، وذلك في كتاب الله مضمون على أتم الوجوه وأكملها، وأما ما سواه من الكتب التي لا ترجع إليه فلا تطمئن بها بل لا تزال قلقة من تعارض الأدلة وتضاد الأحكام.

 

ولو كان ربنا جل وعلا قد خلق الإنسان لا يخطئ، لما كان للعفو والمغفرة مطلب لكنه سبحانه وتعالى خلقنا، وهو أعلم بنا عز وجل ولذلك كانت صفة العفو والمغفرة، وقال عز وجل في الحديث القدسي “يا عبادى إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا، فاستغفرونى أغفر لكم” ويقول الله تعالى فى سورة فاطر “ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة” فهذه الآية عامة في الناس أجمعين، أنهم أصحاب أخطاء تفضي إلى هلاكهم ولكنه عز وجل يعفو ويسامح ويصفح، فنحن نلزم ذكر الله حتى يتجاوز عنا ربنا، وحتى يطمئن القلب، وقال ابن القيم رحمه الله تعالى “إن العبد ليأتى يوم القيامة بسئات أمثال الجبال فيجد لسانه قد هدمها من كثرة ذكر الله تعالى” وإنه حتى يذكرنا الله فيمن عنده.

 

ولن يكون إلا بذكر الله عز وجل، قال تعالى “فاذكرونى أذكركم” وقال القرطبي في تفسيرها أن معنى هذه الآية الكريمة اذكروني بالطاعة أذكركم بالثواب والمغفرة، قاله سعيد بن جبير، وقال أيضا الذكر طاعة الله، فمَن لم يطعه لم يذكره، وإن أكثر التسبيح والتهليل وقراءة القرآن، وقال أبو عثمان النهدي إني لأعلم الساعة التي يذكرنا الله فيها، قيل له ومن أين تعلمها؟ قال يقول الله عز وجل “فاذكرونى أذكركم” وقال السدي “ليس من عبد يذكر الله إلا ذكره الله عز وجل، لا يذكره مؤمن إلا ذكره الله برحمته، ولا يذكره كافر إلا ذكره الله بعذاب، وحتى نصل إلى المغفرة من الله عز وجل والعفو عن التقصير، وقال تعالى “والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما”

 

وقال السعدي رحمه الله “والذاكرين الله كثيرا والذاكرات ” أي في أكثر الأوقات، خصوصا أوقات الأوراد المقيدة كالصباح والمساء، وأدبار الصلوات المكتوبات ” أعد الله لهم”أي لهؤلاء الموصوفين بتلك الصفات الجميلة، والمناقب الجليلة، التي هي ما بين اعتقادات، وأعمال قلوب، وأعمال جوارح، وأقوال لسان، ونفع متعد وقاصر، وما بين أفعال الخير، وترك الشر الذي مَن قام بهن، فقد قام بالدين كله، ظاهره وباطنه، بالإسلام والإيمان والإحسان، فجازاهم على عملهم مغفرة لذنوبهم لأن الحسنات يذهبن السيئات “وأجرا عظيما”لا يقدر قدره، إلا الذي أعطاه، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، نسأل الله أن يجعلنا منهم، لأن كثرة الذكر هو أمر نبينا صلى الله عليه وسلم.

 

فعن الحارث الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “وأمركم بكثرة ذكر الله، وإن مثل ذلك كمثل رجل ظلمه العدو، فانطلقوا في طلبه سراعا، وانطلق حتى أتى حصنا حصينا، فأحرز نفسه فيه، وكذلك مثل الشيطان لا يحرز العباد أنفسهم منه إلا بذكر الله” وعن أبي موسى رضي الله عنه، قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم “مثَل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه، مثل الحي والميت” رواه البخارى ومسلم، ولأنه وصية نبينا صلى الله عليه وسلم، لما عز عليه معاذ، وأحس بحبه أوصاه بكثرة الذكر لله عز وجل فعن معاذ بن جبل، قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيدى يوما، ثم قال “يا معاذ، إني لأحبك” فقال له معاذ بأبي وأمي يا رسول الله، وأنا والله أحبك، فقال “أوصيك يا معاذ، لا تدعن في دبر كل صلاة أن تقول ” اللهم أعني على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى