مقال

الدكروري يكتب عن الموت كعصفور على مقلاة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الموت كعصفور على مقلاة

بقلم/ محمـــد الدكـــروري

 

لقد سأل الله عز وجل نبية موسي عليه السلام فقال كيف وجدت الموت يا موسى بن عمران؟ فقال نبي الله موسى عليه السلام وجدت الموت كعصفور وضع على مقلاة يقلى على النار، هكذا وجد موسى الكليم الموت، فيقول وجدت الموت كعصفور وضع على مقلاة، لا يستطيع أن يطير فينجو، ولا هو يموت فيستريح، وإن الإيمان بالله عز وجل والعمل الصالح والانكفاف عما حرم الله تعالي كبير وعظيم ولكنه يسير على من يسره الله تعالي عليه، فاحذروا المعاصي كلها وإن أولها هو الشرك ثم البدع والمحدثات ثم الكبائر ثم ما دون ذلك، وجاهدوا أنفسكم على الارتقاء الى رتبة الورع باجتناب المشتبهات فإنكم إذا فعلتم ذلك استبرأتم لدينكم وعرضكم، واستعملوا أموالكم فيما يقربكم من الله عز وجل.

 

فلا تكسبوه الا من حله ولا تمنعوه الحقوق التي عليكم فيه من زكاة مفروضة ونفقة واجبة ثم استكثروا بعد ذلك من الصدقات والتطوعات فإنكم في ظل صدقتكم يوم القيامة، واستعملوا جوارحكم في الأعمال الصالحة وعلى راسها الصلوات الخمس وصوم الفريضة وحج الفريضة واستكثروا من نوافل هذه الطاعات قدر استطاعتكم، واشغلوا ألسنتكم بذكر الله من تسبيح وتهليل وتحميد وتكبير واستغفار، وأمر بمعروف ونهي عن منكر وكلمة طيبة، ولقد أمرنا الله عز وجل بطاعته وطاعة رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ولقد رتب الله عز وجل على الطاعات الفوز العظيم في الآخرة كالفوز بالجنة والنجاة من النار وكما يترتب عليها أيضا النجاة من هول الموقف في ذلك اليوم العصيب.

 

الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم، بل إن أثر العمل الصالح لا يتوقف فقط على يوم القيامة، بل إن الأثر والنفع يسبق في الدنيا في شؤون الإنسان كلها، وفي جوانب حياته المختلفة من اجتماعية واقتصادية، وعملية وعلمية ونفسية، إلى غير ذلك من جوانب الحياة، وإن بر الوالدين من الطاعات التي يجني العامل بها ثمارها في الدنيا قبل الآخرة، فمن بر والديه، برّه أبناؤه، ومن عق والديه، عقه أبناؤه مثلا بمثل، والجزاء من جنس العمل والواقع يشهد بذلك، وصلة الرحم فيها سعة للرزق، وإطالة للعمر كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من أحب أن يُبسط له في رزقه، وأن يُنسأ له في أثره، فليصل رحمه” ولزوم الذكر والمداومة عليه يُطهر اللسان من الفحش وقول الزور.

 

الذي يجر على الإنسان المشكلات الكثيرة التي هو في غنى عنها، ولو تتبع الإنسان مشكلاته مع غيره من الناس، أو مع أهله لوجد أن معظمها بسبب اللسان، ومن يتقي الله فيما أمر به، وترك ما نهاه عنه، يجعل له من همه مخرجا، ويرزقه من حيث لا يحتسب أي من جهة لا تخطر بباله، وقال أيضا من حيث لا يدري، فجميع الطاعات الله لها أثر حسي على حياة الإنسان فالصلاة مثلا تورث طمأنية القلب وراحة النفس واستقرارها، وفيها يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “وجُعلت قرة عيني في الصلاة” فمن رُزق المحافظة عليها، تجده سعيدا في حياته، طيب النفس، مطمئن القلب، لا تضجره المصائب والمشكلات لأنه متصل بالمولى عز وجل في هذه الصلاة يقف بين يديه كل يوم خمس مرات.

 

في الصلوات المكتوبة، يناجي ربه بتسبيحه وتحميده، وتهليله ودعائه، وتلاوة آياته، فهو مع ربه في كثير من أوقاته، ومن كان مع الله، كان الله معه، يجيب له سُؤله، فيعطيه الخير، وينجيه من الشر، ومن كان مع الله في الرخاء، كان الله معه في الشدة، كما أن للصلاة أثرا في حفظ العبد من الأضرار كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله لابن عباس رضي الله عنه “احفظ الله، يحفظك” وحفظ الله يعني طاعته، وأولى الطاعات المحافظة على الصلوات، فمن حافظ عليها كانت سببا في حفظه من الأضرار والأخطار التي يتعرض لها الإنسان في حياته اليومية من الحوادث والأمراض والمصائب المختلفة، وتطمئن بإدراك الحكمة في الخلق، والمبدأ والمصير، وتطمئن بالشعور بالحماية من كل اعتداء.

 

ومن كل ضر ومن كل شر إلا بما شاء، مع الرضا بالابتلاء والصبر على البلاء، وتطمئن برحمته بالهداية والرزق والستر في الدنيا والآخرة، فيقول تعالي ” ألا بذكر الله تطمئن القلوب” وذلك الاطمئنان بذكر الله في قلوب المؤمنين حقيقة عميقة، يعرفها الذين خالطت بشاشة الإ يمان قلوبهم، فاتصلت بالله، يعرفونها ولا يملكون بالكلمات أن ينقلوها إلى الآخرين الذين لايعرفونها، كما أنه سبب في السلامة من القلق الذي يشتكي منه كثير من الناس الذين قل ذكرهم لله سبحانه وتعالى وقصّروا في طاعته، ويبحثون عن علاج هذا الأمر بوسائل لا تغني عنهم شيئا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى