مقال

الدكروري يكتب عن عندما تستقيم العقول

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن عندما تستقيم العقول

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن أغلى ما يملك المرء هو الدين والوطن، وما من إنسان إلا ويعتز بوطنه لأنه مهد صباه ومدرج خطاه ومرتع طفولته، وملجأ كهولته، ومنبع ذكرياته، وموطن آبائه وأجداده، ومأوى أبنائه وأحفاده، وإن الأمن مطلب الجميع، ولقد كانت قريش في الجاهلية قد جعلت نفسها مسؤولة عن أمن مكة والحجيج الوافدين إليها، حتى إذا جاء حاج فتعامل مع أحد المقيمين في مكة ثم ظلمه حقه، نادى هذا الرجل على أهل مكة بأعلى صوته طالبا حقه، فاجتمعت قريش بأفخاذها وقبائلها في دار عبدالله بن جُدعان، فتحالفوا على ألا يُظلم في مكة غريب ولا حر ولا عبد إلا كانوا معه، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” لقد شهدت في دار عبدالله بن جُدعان حلف الفضول، أما لو دُعيت إليه اليوم لأجبت، وما أحب أن لي به حمر النعم وأني نقضته” رواه البيهقى.

 

ومما يجب علينا حفظه لو أردنا حفظ الأمن علينا أن نحفظ العقول، أن نحفظ عقول المسلمين مما يفسدها ويضر بها، سواء كانت مفسدات مادية أو مفسدات معنوية، يجب حفظ عقول الناس من كل مسكر، ومن كل مخدر، وكذلك المحافظة على عقول الناس من التصورات الفاسدة والأفكار المنحرفة، عقول الناس لو أصابها العطب وأصابها الخدر ماذا تكون النتيجة؟ النتيجة إقبال الناس على الشهوات وانتشار المعاصي، مما يقلل وازع الخوف من الله عند الناس، فيفعل كل شخص ما يريد، فيترتب عليه الفوضى وقلة الأمن، وإن المحافظة على عقول الناس من أهم أسباب حفظ الأمن لأن الناس لو استقامت عقولهم، صاروا يفكرون فيما ينفعهم ويبتعدون عما يضرهم.

 

ولو استقامت عقول الناس لاستقامت حياتهم لأنهم سوف يبحثون عما يرضي الله فيفعلونه، ويتعرفون على ما يغضب الله فيبتعدون عنه، إذن هناك علاقة كبيرة بين المحافظة على عقول الناس وبين استقرار الأمن عندهم، قإذا سلب الله بعزته وقدرته وحكمته الأمن من بلد ما، فتصور كيف يكون حال أهله، لو خرج ابنك إلى الشارع لا تأمن عليه، ولو ذهبت بنتك إلى المدرسة خشيت ألا ترجع إليك، ولو ذهبت أنت إلى العمل جلست على مقعد العمل قلقا على نسائك ومحارمك في المنزل، إضافة إلى سرقات البيوت وسرقة السيارات وقطاع الطرق في السفر وغيرها كثير، فكم من البلاد الآن عاقبهم الله جل وعلا بنزع الأمن من بلادهم.

 

فعاش أهلها في خوف وذعر، في قلق واضطراب، ليل نهار، لا يهنؤون بطعام، ولا يتلذذون بشراب، ولا يرتاحون بمنام، ويقول الله تعالى في قصة طالوت وجالوت كما جاء في سورة البقرة “ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم والله عليم بالظالمين” فدلالات هذه الآية تشير الى أهميه القتال من اجل الديار والأبناء فيما لا يتعارض مع الإسلام وان هذا جهاد في سبيل الله.

 

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما أن الرسول الله صلى الله عليه وسلم قال “من قتل دون ماله فهو شهيد” ومن أغلى الأموال الأرض التي نسكنها ونحيا عليها ولا يصح أن نفرط في أوطننا وأراضينا بل الحفاظ عليها أمر واجب شرعا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى