مقال

الدكروري يكتب عن تطييب النفوس

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن تطييب النفوس

بقلم/ محمـــد الدكـــروري

 

إن جبر الخواطر وتطييب النفوس كانت له صور متنوعة، ومواقف متعددة في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فها هو صلى الله عليه وسلم يجبر خاطر أحد أصحابه لما وجده حزينا ومتألما على فقد أبيه، وقد ترك ديونا أثقلته، وفي موقف آخر ها هو صلى الله عليه وسلم يجبر خاطر أحد أصحابه ويطيب نفسه لما علم منه أنه غير جميل في صورته، وشأنه وضيع بين الناس، ويجبر رسول الله صلى الله عليه وسلم خواطر اليتامى ويطيب نفوسهم بقوله صلى الله عليه وسلم كما في البخاري “أنا وكافل اليتيم فى الجنة هكذا” وقال باصبعية السبابة والوسطى” وهكذا كان صلى الله عليه وسلم يجبر خاطر كل كسير صغيرا كان او كبيرا رجلا كان او امرأة، فكان الكل يأوي إليه والكل يسعى لديه.

 

وها هو صلى الله عليه وسلم يجبر خاطر ذلك الطفل الأنصاري الذي فقد عصفوره، فيقول له مداعبا “يا أبا عمير، ما فعل النغير” كما فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر جبرا لقلوب الفقراء وإعزازا لهم عن ذل السؤال في يوم العيد وهو صلى الله عليه وسلم الذي كان يجبر قلوب الضعفاء والمساكين فكانت الجارية أو الأمَة من إماء أهل المدينة تأخذ بيده فتنطلق به حيث شاءت” بل إنه جبر بخواطرنا نحن الذين نحبه ونشتاق إليه، ونتمنى لقاءه ورؤيته ، فقال فيما رواه أحمد عن أنس بن مالك قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “وددت أنى لقيت اخوانى ” فقال أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم، أوليس نحن اخوانك قال “أنتم أصحابى ولكن أخوانى الذين آمنوا بى ولم يرونى ”

 

وهذا عروة بن الزبير رجع من سفر، مات ولده بالعين، وقطعت رجله بالغرغرينا، وقال لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا، فسمع إبراهيم محمد بن طلحة بما حصل لعروة بن الزبير، فذهب إليه يواسيه، فقال والله ما بك حاجة إلى المشي، ولا أرب في السعي، وقد تقدمك عضو من أعضاءك، وابن من أبنائك إلى الجنة، والكل تبع للبعض إن شاء الله، وقد أبقى الله لنا منك ما كنا إليه فقراء، من علمك ورأيك، والله ولي ثوابك والضمين بحسابك، هكذا رغب الاسلام في جبر تلك القلوب المنكسرة ومواساة اصحابها والتخفيف من آلامهم ومشاركتهم احزانهم وافراحهم، فحث على الصدقة لمساعدة الفقراء، وفرض الزكاة لتحقيق التكافل الاجتماعي بين المسلمين، وأمر بإجابة الدعوة ، وعيادة المريض.

 

وعتق الرقاب والاصلاح بين الناس، وأمر بزيارة الارحام، وتفقد الأيتام ،وتعزية أهل المصائب، وجبر الخواطر وتطييب النفوس له أساليب متعددة ومواقف متنوعة وتطبيقه سهل ميسور، فمثلا إذا دخلت إلى مكتبك يوما، وجاء إليك العامل بقهوتك، فشكرته وتبسمت فى وجهه، فأنك تكون حينها قد جبرت خاطره، وإذا ما احتاج زميل في العمل للمساعدة، وتبرعت بمساعدته فقد جبرت خاطره، وإذا ما رأيت شخصا، وأشدت بجمال مظهره، حتى وإن كنت لا تراه جميلا، فهذا يندرج تحت جبر الخواطر، وعندما ترى شخصا، وقد حقق إنجازا ما فى حياته، حتى وإن كان من وجهة نظرك لا يعتبر إنجازا بالمعنى المفهوم، وهنأته وشجعته، فهذا جبر خواطر، وعندما تقول لزوجتك شكرا لتحملها مسئولية البيت والأطفال.

 

فذلك جبر خواطر، وعندما تقولين لزوجك شكرا لأنه يجد ويكافح من أجل توفير حياة كريمة للأسرة وإسعادها فذلك أيضا جبر للخواطر، والابتسامة جبر خواطر، والكلمة الطيبة جبر للخواطر، ومساعدة الغير لمجرد أنك قادر على المساعدة جبر خواطر، ألا فطيبوا الخواطر بما استطعتم، ولا تدخروا في ذلك جهدا،لأن ذلك فيه شعور بالسعادة، وفيه فتح لباب البر والاحسان، فما اجمل ان نواسي من حولنا، ونجبر خواطرهم، وخاصة عند حدوث المحن والكروب، لعل الله يجبر خواطرنا، ويديم علينا النعم، ويجزينا المزيد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى