مقال

الدكروري يكتب عن الخداع والتزوير والتحايل

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الخداع والتزوير والتحايل

بقلم / محمــــد الدكـــروري

 

ينبغي أن يعلم المسلم وهو ينزل إلى السوق أن النبي صلي الله عليه وسلم قال “أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها” وذلك لكثرة ما يحصل في السوق من المنكرات والمحرمات، وهذا أمر معلوم في الشريعة، وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال “لا تكونن إن استطعت أول من يدخل السوق، ولا آخر من يخرج منها فإنها معركة الشيطان، وبها ينصب رايته” رواه الإمام مسلم، فإن معظم تجارتنا اليوم قد غزاها الغش من كل مكان، وأحاط بها المكر من كل جهة، واكتسحها الخداع والتزوير والتحايل إلا من رحم الله، حتى صار المشترى يفترض السوء فى البائع، وأنه يجب أن يكون على قدر كبير من الفطنة واليقظة، حتى لا يقع في شباك الغش التجارى.

 

الذى جعله ابن حجر في كتابه “الزواجر عن اقتراف الكبائر” كبيرة من الكبائر، لأنه يدل على ضعف في الشيء واستعجال فيه” كما قال ابن فارس، ولأنه “نقيض النصح، وهو مأخوذ من الغشش، وهو المشرب الكدر” وكما قال ابن منظور، وعن ابن عمر رضى الله عنه قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بطعام وقد حسّنه صاحبه، فأدخل يده فيه، فإذا طعام رديء، فقال “بع هذا على حدة، وهذا على حدة، فمن غشنا فليس منا” رواه أحمد، وها نحن نرى اليوم بعض بائعي الخضر، أو الفواكه، أو الحبوب، يزينون ظاهر أكياس السلعة، ويجعلون الرديء في الأسفل، ويقول أنس بن مالك رضي الله عنه خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السوق، فرأى طعاما مصبرا أى عبارة عن كومة.

 

فأدخل يده، فأخرج طعاما رطبا قد أصابته السماء، فقال لصاحبها “ما حملك على هذا؟” قال “والذي بعثك بالحق، إنه لطعام واحد” قال “أفلا عزلت الرطب على حدته، واليابس على حدته، فيبتاعون ما يعرفون، من غشنا فليس منا” رواه الطبرانى، فكم من الناس يخلطون الجيد بالرديء، ويقنعون المشترى بأن الكل جيد، فيحصلون أموالا اختلط فيها الحلال بالحرام، ولا يبالون، وقد يعرف حالهم بعض الناس، فلا ينصحون لهم، ولا يحذرون منهم، فعن أبي سباع رضي الله عنه قال اشتريت ناقة من دار واثلة بن الأسقع، فلما خرجت بها أدركنى يجر إزاره فقال اشتريت؟ قلت “نعم” قال أبين لك ما فيها؟ قلت وما فيها؟ قال إنها لسمينة ظاهرة الصحة، أردت بها سفرا أو أردت بها لحما؟

 

قلت أردت بها الحج، قال فارتجعها، فقال صاحبها ما أردت إلى هذا أصلحك الله، تفسد عليّ؟ قال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “لا يحل لأحد يبيع شيئا إلا بين ما فيه، ولا يحل لمن علم ذلك إلا بينه” رواه الحاكم، وأيضا من عجائب المعاملات الصادقة، ما رواه الطبرانى، أن جرير بن عبد الله البجلى رضى الله عنه أمر مولاه أن يشترى له فرسا، فاشترى له فرسا بثلاثمائة درهم، وجاء به وبصاحبه لينقده الثمن، فقال جرير لصاحب الفرس “فرسك خير من ثلاثمائة درهم، أتبيعه بأربعمائة درهم؟ قال ذلك إليك يا أبا عبد الله، فقال فرسك خير من ذلك، أتبيعه بخمسمائة درهم؟ ثم لم يزل يزيده مائة فمائة، إلى أن بلغ ثمانمائة، فاشتراه بها، فقيل له في ذلك.

 

فقال “إني بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصح لكل مسلم” وإن من مظاهر البيع والشراء عندنا هو كثرة الحلف بحق وبغير حق، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنه سيأتي بعده قوم “يشهدون ولا يُستشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون، وينذرون ولا يفون، ويحلفون ولا يُستحلفون ” متفق عليه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى