مقال

الدكروري يكتب عن التسخير والتنمية

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن التسخير والتنمية

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن التسخير يقتضى إعداد الإنسان إعدادا جيدا بتنمية مهاراته وقدراته وتصوراته للتعامل مع ما سخر الله تعالى له حتى يستطيع أن يقوم بذلك على الوجه الذى أمر سبحانه وتعالى به، وأيضا المعرفة حتى يقوم الإنسان برسالته التي كلفه الله سبحانه وتعالى بها، لابد له من العلم والمعرفة، إذ الجهل حائل دون ذلك، والمعرفة تقتضي الإحاطة بما كلف الإنسان به، فقال تعالى كما جاء فى سورة الزمر ” قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب” وقال تعالى كما جاء فى سورة يونس ” هو الذى جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله الله ذلك إلا بالحق يفصل الأيات لقوم يعلمون” وقال تعالى كما جاء فى سورة البقرة ” واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شئ عليم”

 

وتتوالى الآيات القرآنية التى تتحدث عن العلم والمعرفة في إشارة إلى أهمية ذلك في حياة الإنسان، ولذا اعتنى الإسلام بالعلم ودعا إليه، وأمر أتباعه بتعلم كل العلوم النافعة حتى يستطيع المسلم أن يؤدي دوره نحو ربه بإخلاص العبودية وتأدية الواجبات المفروضة، وكذلك بتعمير الحياة، ونفع الناس، وجعل الإسلام العلم مدخلا لمعرفة الله سبحانه وتعالى فقال تعالى فى سورة محمد ” فاغلم أنه لا إله إلا الله” وإذا أراد المسلم أن يقوم برسالته في الحياة فلابد له من علم ومعرفة مستمرة ودائمة يتابع خلالها ما استجد من العلوم والمعارف والحاجات، وذلك لا يأتى إلا من خلال تنمية مهاراته وقدراته، فإن غياب العلم والمعرفة يفسح المجال لأن يتقدم الجهل والجهلاء وفي ذلك فساد وإفساد للحياة، وقد حذر النبى صلى الله عليه وسلم من ذلك.

 

فعن عبد الله بن عمرو رضى الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالما، اتخذ الناس رؤوسا جهالا، فسئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا” البخارى، وأيضا فإن هناك التخطيط فإن تنمية الموارد البشرية تقوم على التخطيط وحسن التدبير، وذلك يقتضى دراسة الواقع الذي يعيشه الفرد والمجتمعات وتحليله بايجابياته وسلبياته، ووضع الحلول لمعالجة المشكلات ودراسة التوقعات المستقبلية بالمقاييس العلمية واقتراح الرؤى لذلك والإعداد الجيد للبرامج والخطط المستقبلية، وقد أمر الله سبحانه وتعالى بالإعداد في قوله تعالى كما جاء فى سورة الأنفال.

 

” وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شئ فى سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون” وقد وردت الآية بشأن الحرب، إلا أن دلالتها عامة في وجوب الاستعداد والتخطيط، فإذا كان الأمر يوجب التخطيط للحرب ومواجهة العدو وهو أمر طارئ ومؤقت فإن التخطيط للحياة في غير الحرب واجب كذلك لأنها الفترة الدائمة والممتدة، والتي فيها معاش الناس وحياتهم مما يتطلب الاستعداد المبكر لها، وقد علمنا القرآن الكريم أهمية التخطيط في قصة نبى الله يوسف عليه السلام، بقوله تعالى كما جاء فى سورة يوسف ” قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه فى سنبله إلا قليلا مما تأكلون ”

 

وكما حث النبى صلى الله عليه وسلم على أهمية التخطيط المستقبلي حيث قال ” إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس” رواه مسلم، وإذا كان التخطيط لمستقبل الورثة وهم أفراد محدودون مأمور به، فإن التخطيط لمستقبل المجتمعات والشعوب والدول أهم وأكثر حاجة، وأيضا فإن هناك المسؤولية حيث تشكل المسؤولية إحدى الأسس التى تقوم عليها تنمية الموارد البشرية، وإذا كانت مسؤولية الفرد تتطلب منه أن يطور مهاراته ويجدد علمه فإن مسؤولية الدولة تدعوها أن تولي الموارد البشرية أهمية خاصة بحيث توفر لهم سبل التنمية والتطوير والإبداع، فعلى المستوى الفردي تؤكد الآيات الكريمة أهمية المسؤولية الفردية فقد قال تعالى كما فى سورة النجم ” وأن ليس للإنسان إلا ما سعى “

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى