مقال

الدكروري يكتب عن أول خطوات الحرام وآخرها

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن أول خطوات الحرام وآخرها

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الغفلة إذا عمّ خطرها، أوشكت بالهلاك للأمم، وإن اليقظة والبصيرة إذا لاح سبيلها، فنعم الطريق للسالكين، وإن أخطر ما تمر به الأمة اليوم هذا الداء القاتل، الذي بدت لنا مظاهره في كثير من مجالات الحياة الإسلامية، في الجانب الفردي، وفي الجانب الجماعي، وتأمل في هذه الآية التي ربطت بين أول خطوات الحرام وآخرها، فيقول الله تعالى ” قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون” ويقول ابن كثير، هذا أمر الله تعالى لعباده المؤمنين أن يغضوا من أبصارهم، عما حرم عليهم فلا ينظروا إلا إلى ما أباح لهم النظر إليه وأن يغضوا أبصارهم عن المحارم، فإن اتفق أن وقع البصر على محرم من غير قصد فليصرف بصره عنه سريعا.

 

وأيضا من مجاهدة الفتن هو مدافعة الخواطر، فإن الخاطرة السيئة في القلب خطر، ومتى انساق العبد معها ولم يدافعها تطورت إلى فكرة، فهمّ وإرادة، فعزيمة فإقدام وفعل للحرام، فحذار من الاسترسال مع الخطرة بل الواجب مدافعتها ومزاحمتها بالخواطر الطيبة، وإن من مظاهر الغفلة في حياة كثير من الناس اليوم هو الغفلة عن علامات الساعة وأشراطها حيث إن الله عز وجل جعل ظهور هذه العلامات دليلا على اقتراب يوم القيامة، ومحاسبة الله للخلائق، كل يجزى بعمله، ومع ذلك يقع الناس في غفلة شديدة، حيث يرون انتشار الربا والزنا، وشرب الخمور والمسكرات، وضرب المعازف والقينات، وكثرة الفواحش والمنكرات، ولا يلقون بالاً لمثل هذه العلامات الكبيرة، والتي تستوجب عليهم التوبة إلى الله منها.

 

والاستعداد للدار الآخرة، وكما أن هناك الآن الغفلة عن المهمات والأولويات ومنها كذلك الغفلة عن المهمات والأولويات، والانشغال بالتوافه والشهوات، وما يلحق بها مما يضيع الأعمار والأوقات، فنجد في أمتنا من شُغل بالنساء والحب والغرام، ونجد مَن شُغل بالنوادي والمباريات، بينما كان الواجب عليهم الانشغال بما هو أولى وأجدى، وأنفع في الدنيا والآخرة، فالانشغال بتصحيح التوحيد والعقيدة، والانشغال بتصحيح العبادة، وتهذيب الأخلاق، والانشغال بالدعوة إلى الله، وهداية الناس، والانشغال بقضايا الأمة وهمومها، والانشغال بتربية الشباب بالعلم الشرعي، وإعدادهم للجهاد في سبيل الله تعالى كل ذلك أَولى وأجدى، وأهم وأنفع من غيره من كثير من التوافه والملهيات.

 

وكما أن من الغفلة هو الغفلة عن الدار الآخرة والاستعداد لها والركون إلى حب الدنيا وزينتها، والانغماس الشديد في طلبها، واستعجال الترف والمتعة، واللذة والراحة في دار الحياة الدنيا، وأيضا فإن من الغفلة هو الاستخفاف بأوامر الله ورسوله ومقارفة الكبائر والمحرمات، وترك التورع عن فعل الذنوب والسيئات، حيث دبّ في كثير من الناس هذا الداء، فلا يكاد المرء يستحيي من فعل الفاحشة ولا مقدماتها، ولا من أكل الربا وأموال الناس بالباطل، ولا يتورع بنفسه عن مواطنِ الشبهات والمحرمات، ولا ينأى بنفسه عن سماع الغناء والمعازف، كما قد يظن بعضهم أن ذلك من القضاء والقدر، وأنه كتب عليه حظه من الزنا وأنه مدرك ذلك لا محالة، وأن ما وقع فيه ليس إلا قدرا كُتب في سابق الأزل، وهو فاعل لهذا القدر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى