مقال

الزواج المبارك 

جريدة الاضواء

الزواج المبارك

بقلم / هاجر الرفاعي

 

بسم الله والصلاة والسلام علي رسول الله سوف نكتب عن الزواج المبارخ بين عبد الله بن عبد المطلب وبين السيدة آمنة بنت وهب وإنه عندما جاء وهب ليخبر ابنته عن طلب عبد المطلب بتزويج السيده آمنه، بابنه عبد الله فغمر الفرح نفس آمنه وبدأت سيدات آل زهرة تتوافد الواحدة تلو الأخرى لتبارك لآمنة، وكذلك قيل بأن الفتيات كن يعترضن طريق عبد الله لأنه اشتهر بالوسامة، فكان أجمل الشباب وأكثرهم سحرا، حتى إن أكثر من واحدة خطبته لنفسها مباشرة، وأطالت آمنة التفكير في فتاها الذي لم يكد يفتدى من الذبح حتى هرع إليها طالبا يدها، زاهدا في كل أنثى سواها، غير مهتم إلى ما سمع من دواعي الجمال.

 

واستغرقت الأفراح ثلاثة أيام، ولكن عيناها ملأتها الدموع لأنها سوف تفارق البيت الذي نشأت فيه، وأدرك عبد الله بما تشعر به، وقادها إلى رحبة الدار الواسعة، وتزوج عبد الله آمنة بنت وهب، وفي أول ليلة جمعتهما رأت آمنة أن شعاعا من النور خرج منها فأضاء الدنيا من حولها حتى تراءت لها قصور بصرى في الشام، وسمعت هاتفا يقول لها يا آمنة لقد حملت بسيد هذه الأمة، وسافر زوجها في تجارة إلى الشام وتوفي في تلك الرحلة في يثرب، وروى ابن عباس رضي الله عنهما أن آمنة قالت : لما أخذني ما يأخذ النساء ولم يعلم بي أحد لا ذكر ولا أنثى، وإني لوحيدة في المنزل، وعبد المطلب في طوافه.

 

فسمعت وجبة عظيمة وأمرا عظيما هالني، ثم رأيت كأن جناح طير أبيض قد مسح على فؤادي فذهب عني الرعب وكل وجع أجده، ثم التفت فإذا أنا بشربة بيضاء فتناولتها فأصابني نور عالى، ثم رأيت نسوة كالنخل طوالا كأنهن من بنات عبد مناف يحدقن بي، فبينا أنا أتعجب وأقول : واغوثاه من أين علمن بي، فقلن لي نحن آسية امرأة فرعون ومريم ابنة عمران وهؤلاء من الحور العين، واشتد بي الأمر فبينما أنا كذلك إذا بديباج أبيض قد مد بين السماء والأرض وإذا بقائل يقول خذوه عن أعين الناس، وقالت ورأيت رجالا قد وقفوا في الهواء بأيديهم أباريق من فضة ثم نظرت فإذا أنا بقطعة من الطير.

 

قد غطت حجرتي مناقيرها من الزمرد وأجنحتها من الياقوت، فكشف الله عن بصري فرأيت مشارق الأرض ومغاربها، ورأيت ثلاثة أعلام مضروبات علما بالمشرق وعلما بالمغرب وعلما على ظهر الكعبة، فأخذني المخاض فوضعت محمدا صلى الله عليه وسلم، فنظرت إليه فإذا هو ساجد قد رفع أصبعيه إلى السماء كالمتضرع المبتهل ثم رأيت سحابة بيضاء قد أقبلت من السماء حتى غشيته فغيّبته عني، فسمعت مناديا ينادي : طوفوا به مشارق الأرض ومغاربها وأدخلوه البحار ليعرفوه باسمه ونعته وصورته، ثم تجلت عنه في أقرب وقت، ثم نظرت إليه وإذا به كالقمر ليلة البدر وريحه يسطع كالمسك الأذفر.

 

وإذا بثلاثة نفر في يد أحدهم إبريق من فضة وفي يد الثاني طست من زمرد وفي يد الثالث حريرة بيضاء فنشرها فأخرج منها خاتما تحار أبصار الناظرين دونه، فغسله من ذلك الإبريق سبع مرات، ثم ختم بين كتفيه بالخاتم ولفّه بالحريرة، ثم احتمله فأدخله بين أجنحتيه ساعة ثم رده

وعندما حان الوقت التي كانت آمنة تترقبه حيث بلغ محمد السادسة من عمره بعد العناية الفائقة له من والدته، وظهرت عليه بوادر النضج، فصحبته إلى أخوال أبيه المقيمين في يثرب ولمشاهدة قبر فقيدهما الغالي، عبد الله، وعندما وصلت إلى قبر زوجها عكفت هناك ما يقارب شهرا كاملا، وهي تنوح وتتذكر الأيام الخوالي التي جمعتها مع زوجها.

 

بينما محمد يلهو ويلعب مع أخواله، وبعد ست سنوات من وفاته وبينما هي عائدة من زيارة قبر عبد الله وأخواله بني عدي بني النجار أدركها المرض وتعبت آمنة في طريقها بين البلدتين إثر عاصفة حارة وقوية هبت عليهم، فشعرت السيده آمنه، بأن أجلها قد حان فكانت تهمس بأنها سوف تموت ولكنها تركت غلاما طاهرا، ثم أخذها الموت من بين ذراعي ولدها الصغير وفارقت هذه الدنيا، وانهلت أعين الطفل بالبكاء بين ذراعي أمه، وتوفيت في الأبواء بين مكة والمدينة المنورة وماتت زهرة قريش السيدة العظيمة، ولكنها خلدت في قلب أهل مكة، وفي قلب ابنها سيد البشر النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى