مقال

الدكروري يكتب عن العبد السعيد 

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن العبد السعيد

بقلم/ محمـــد الدكـــروري

 

إن السعيد هو الذي أسعده الله في قبره، وأقر عينه في لحده، حتي إذا أدخل في ذلك القبر, وأنزل في ذلك اللحد، وثبت الله له الجنان، وسدد له اللسان فقال ربي الله، وديني الإسلام، ونبي محمد صلى الله عليه وسلم، فنادي منادى في السماء “أن صدق عبدي ففرش له من الجنان, وفتح له منها, يأتيه من الروح والريحان، فقال يا رب أقم الساعة يا رب أقم الساعة شوقا إلي رحمة الله وحنينا إلي عظيم ما ينتظره من فضل الله، وإن السعيد هو الذي إذا بعث من قبره، وخرج من حشره ونشره، خرج مع السعداء الذين لا يحزنهم الفزع الأكبر، وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون، والسعيد هو الذي إذا دنت الشمس من الخلائق.

 

واشتد لهيبها وعظم حرها، فإذا به في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله، والسعيد هو الذي إذا وقف بين يدي ربه وقف موقف الكريم، فأعلي الله شأنه وأنطق بالخير لسانه، ونادي منادي الله عليه بالبشرى بالجنة، والسعيد هو الذي ينتهي مآله ويكون قراره إلي الجنة دار السعداء, ومنزل الأتقياء وهذه هي السعادة الحقيقة، فإن راحة الضمير واطمئنانه، وهدوء البال، وصفاء النفس، وسرور القلب، وزوال همومه وغمومه، هو المطلب الأعلى، والهدف الأسمى الذي يسعى إليه كل واحد في هذه الحياة، فالناس كلهم ينشدون السعادة، ويرغبون الخير والفلاح، ويرجون التوفيق والنجاح في جميع أمورهم.

 

لذلك ابتغوا في الحصول على هذه الغاية أسبابا متعددة ووسائل مختلفة، ولكن زلت في هذا المطلب أقدام، وضلت من أجله أفهام، وكثرت بسببه الخواطر والأوهام، حتى ظن الكثير من الناس لغفلة قلوبهم، وضعف عقولهم، وسطحية تفكيره أن قمة السعادة والفلاح في الحصول على حظوظ الدنيا العاجلة، وشهواتها الفانية، والأموال الوافرة، والمساكن الفارهة، والمراتب الوفيرة، والترفع والشهرة، والتمتع بالملذات، والتفنن في الشهوات، في زمن كثرت في الفتن والمغريات، ومن الناس من يتوهم بأن السعادة والفلاح تكمن في السبق في مجالات التقدم المادي، والتحضر العصري، وصرفوا لها جل اهتمامهم، وفاضل أوقاتهم.

 

وزعموا أن هذه الأشياء هي الضالة المنشودة، وهي السبيل على القوة والعزة والطمأنينة والأمان، ولم يدركوا أنها كانت سببا في هلاك أمم سابقة، وقرون ماضية، بل وشقاء أمم حاضرة، وهكذا إذا لم يكن الإيمان هو الأساس، والعقيدة الصحيحة هي القاعدة الصلبة عند ذلك تفتقد البشرية مقومات الحياة الطيبة، وعندما يتحقق الإيمان والعمل الصالح تسعد البشرية، فلا سعادة لهذه البشرية في زمن الفتن إلا تحت راية الإيمان، ولا عزة ولا رفعة إلا في ضلال القرآن، لذلك هذه السعادة المنشودة لها وسائل وأسباب في مقدمة ذلك الإيمان والعمل الصالح، ومنها التوبة الصادقة، والإنابة الخاشعة، ومنها تقوى الله تعالى بفعل الطاعات.

 

وترك المحرمات، والبعد عن الشهوات، ومنها ملازمة ذكر الله، والإكثار منه، ففي حديث السيدة أم هانئ أخت الإمام على رضى الله عنهم أجمعين، أنها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم في عام الفتح، وقالت يا رسول الله دلني على عمل أعمله وأنا جالسة؟ لأنها أصبحت سمينة بدينه لا تستطيع العمل وهي واقفة، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلمَ “سبحي الله مائة تسبيحه، تعدل لك عشر رقاب من ولد إسماعيل، واحمدي الله مائة تحميده تعدل لك مائة فرس مسرجة في سبيل الله، وكبري الله مائة تكبيرة تعدل لك مائة بدنة بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله، وقولي لا إله إلا الله مائة تملأ ما بين السماء والأرض” وجاء عند مسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال”قد أفلح من أسلم، ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى