مقال

الدكروري يكتب عن العبرة من آيات الله

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن العبرة من آيات الله

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الخسف هو عذاب وآية، وإن الزلزلة نوع من الخسف، أما كون الخسف آية فهو دليل على قدرة الله تعالى في تحريك الأرض وإسكانها، وكثرته علامة من علامات الساعة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ” لا تقوم الساعة حتى يُقبض العلم وتكثر الزلازل” رواه الشيخان، وأخبر صلى الله عليه وسلم أن من علامات الساعة الكبرى ” ثلاثة خسوف، خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب” رواه مسلم، وأما كون الخسف عذابا فإن الله تعالى عذب به من السابقين أفرادا وأمما، ومن الأفراد الذين عذبوا به قارون، فقال الله تعالى فيه ” فخسفنا به وبدارة الأرض” والرجل الذي امتلأ إعجابا بنفسه.

 

ولم يشكر نعمة الله تعالى عليه كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم ” بينما رجل يمشي في حلة تعجبه نفسه، مُرجّل جُمّته، إذ خسف الله به، فهو يتجلجل إلى يوم القيامة” رواه الشيخان، ويحكي ان كان هناك تاجر دمشقي يعيش في العصر العباسي، وكان هذا التاجر دائما يتحدي الجميع قائلا انا لم اخسر يوما في تجارة دخلتها في حياتها، نجحت في جميع اعمالي ولم اخسر ولا مرة، كان اصدقائه يسخرون من كلماته قائلين كيف لك ان لا تخسر يوما في حياتك ولا حتي مرة واحدة ؟ فطلب منهم التاجر أن يقدموا له تحديا عظيما وصعبا حتي يثبت لهم صحة كلامه، ففكر اصدقائه قليلا.

 

ثم قالوا له إنه لمن المستحيل أن تبيع تمرا في العراق وتربح في هذه التجارة وذلك لأن التمر هناك متوفر مثل التراب في الصحراء، فلا يمكنك بيعه هناك مهما حدث، فقبل التاجر التحدي قائلا قبلت التحدي، ثم قال هذا التاجر بشراء تمرا مستوردا من العراق ثم اتجه الي عاصمة الخلافة العباسية في ذلك الوقت، ويحكي أنه في نفس هذا الوقت كان الواثق بالله ذاهبا في نزهة الي مدينة الموصل وكانت الموصل من اجمل المدن التي تقع شمال العراق، تتمتع بطبيعة خلابة وجو رائع ولذلك اطلق عليها اسم ام الربيعين، وخلال عودته من الرحلة ضاعت قلادة ابنته واخذت تبكي بشدة علي فقدانها فقرر الواثق بالله ان يقدم مكافأة عظيمة.

 

لمن سيعثر علي قلادة ابنته ويعيدها إليها وهي الزواج من ابنة الخليفة وبالفعل بدأ جميع سكان بغداد، بالبحث عن هذه القلادة الثمينة، وصل تاجر التمر الدمشقي الي مشارف بغداد، وتفاجئ بالناس يبحثون مثل المجانين عن القلادة، فسألهم عن الامر فحكوا له القصة كاملة وقال كبيرهم واسفاه لقد نسينا أن ناخذ زادا ولا نستطيع العودة خوفا أن يسبقونا بقية العالم فأخذ يضرب كفا بكف، حيث كانوا في مكان مقفر في الصحراء بلا ماء ولا طعام، فقال لهم التاجر الدمشقي انا سوف ابيعكم تمرا، فاشتري منه القوم التمر باغلي الاثمان، وهكذا فاز التاجر بالتحدي وتمكن من بين التمر بالعراق، تناقل الناس حكايته حتي وصلت الي مسامع الواثق بالله.

 

فتعجب من هذا الامر بشدة وطلب مقابلته وعندما رآه سأله عن حكايته، قال له التاجر يا مولاي أدام الله عزك إنني من يوم مارست التجارة لم اخسر ابدا، ازداد تعجب الواثق بالله وسأله عن السبب فأجابه التاجر ؟ يا مولاي أدام الله عزك إنني من يوم مارست التجارة لم اخسر ابدا، ازداد تعجب الواثق بالله وسأله عن السبب فأجابه التاجر، لقد كنت ولدا فقيرا يتيما وكانت والدتي معاقة لا تقدر علي الحركة فكنت اعتني بها واخدمها منذ صغري واجتهد في عملي حتي اوفر لها قوت يومها منذ ان كنت في الخامسة من عمري، ثم اكمل قصته وعيناه قد تلألأت بالدموع وكأنه تذكر امرا حزينا فقال التاجر وعندما بلغت العشرون من عمري.

 

ازداد مرض امي وكانت مشرفة علي الموت فرفعت يدها داعية الله عز وجل أن يوفقني في كل عمل اقوم به وان يحول التراب في يدي ذهبا، وبحركة لا أرادية مسك حفنة من التراب وهو يتكلم فابتسم الواثق من كلامه واذا به يشعر بشيء غريب في يده فنظر إليه فوجدها قلادة ذهبية، وهي القلادة التي تعود الي ابنته، وهكذا اصبح هذا التاجر البسيط أول من باع التمر في العراق في التاريخ وربح من هذه التجارة واصبح صهر الخليفة الواثق بفضل دعاء امه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى