مقال

الدكروري يكتب عن أخطر موضوع بعد معرفة الخالق

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن أخطر موضوع بعد معرفة الخالق
بقلم / محمـــد الدكـــروري

تقوم دعوة الإسلام وتربية الإسلام وتشريع الإسلام، على أن يعيش الناس كما خلقهم الله عز وجل بعقولهم ومواهبهم وضمائرهم، فقد أنزل الله كتابه، وبعث رسله، وخلق كونه، ومنح قوانينه، لقوم يعقلون، ولأولى الألباب، فهذا هو الطفيل ابن عمرو الدوسي يرفض التبعية للمجتمع ويستجيب لصوت العقل، فيحكي عن نفسه فيقول كنت رجلا شاعرا سيدا في قومي، فقدمت مكة، فمشيت إلى رجالات قريش، فقالوا إنك امرؤ شاعر، سيد، وإنا قد خشينا أن يلقاك هذا الرجل فيصيبك ببعض حديثه، فإنما حديثه كالسحر، فاحذره أن يدخل عليك وعلى قومك ما أدخل علينا، فإنه فرق بين المرء وأخيه، وبين المرء وزوجته، وبين المرء وابنه، فوالله ما زالوا يحدثوني شأنه وينهوني أن أسمع منه حتى قلت والله لا أدخل المسجد إلا وأنا ساد أذني، قال فعمدت إلى أذني فحشوتها كرسفا.

ثم غدوت إلى المسجد، فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم قائما في المسجد، فقمت قريبا منه، وأبى الله إلا أن يسمعني بعض قوله، فقلت في نفسي والله إن هذا للعجز، وإني امرؤ ثبت ما تخفى علي الأمور حسنها وقبيحها، والله لأسمعن منه، فإن كان أمره رشدا أخذت منه، وإلا اجتنبته، فنزعت الكرسفة، فلم أسمع قط كلاما أحسن من كلام يتكلم به، فقلت يا سبحان الله ما سمعت كاليوم لفظا أحسن ولا أجمل منه، فلما انصرف تبعته، فدخلت معه بيته، فقلت يا محمد إن قومك جاؤوني فقالوا لي كذا وكذا، فأخبرته بما قالوا، وقد أبى الله إلا أن أسمعني منك ما تقول، وقد وقع في نفسي أنه حق، فاعرض علي دينك فعرض علي الإسلام، فأسلمت، وإن أخطر موضوع بعد معرفة الله عز وجل هو الحلال والحرام، لأنك إذا عرفته تشعر باندفاع قوى إلى أن تبحث عن أمره، وتطبق أمره.

وإن طلب الفقه حتم واجب على كل مسلم، انطلاقا من معرفته بالله عز وجل، وانطلاقا من حبه له، وانصياعا لأمره، فعليه أن يعرف أمره, كيف تأتمر بأمره إذا لم تعرف أمره؟ كلام عام ائتمروا بأمر الله، أطيعوا الله، كلمة أطيعوا الله من لوازمها أن تعرف أمر الله، وأن تعرفوا حكم الله، وأن تعرفوا الحلال، والحرام، والمكروه، والمندوب، والمباح، والواجب، وإذا تكلمنا عن المسكن والبيت فى الحلال والحرام فسوف نقول بأنه من حق المؤمن أن يكون له مكان يؤويه من عوامل الطبيعة، ويشعره بالخصوصية، والحرية، والاستقلال، فالإنسان لو سكن مع إنسان آخر لا يشعر بالخصوصية أبدا، وأحيانا يكون الإنسان في سفر مع شخص هذا الشخص يقيد حريته، فالمنزل والمأوى للمؤمن كما ورد هو جنة المؤمن داره، وداره تقيه من عوامل الطبيعة، من الحر، والقر، والرياح.

والمطر، ويشعره بالخصوصية، ويشعره بالاستقلال والحرية، والعوام لهم أقوال كثيرة في البيت، فقيل أن البيت مأوى، وقيل أنه ذات مرة سأل ملك وزيره فقال له من الملك؟ قال أنت، قال لست أنا، فإن الملك رجل لا نعرفه ولا يعرفنا، له بيت يؤويه، وزوجة ترضيه، ورزق يكفيه، فإن المسكن من نعم الله عز وجل على العبد، فالإنسان في البيت يستريح، وتسكن النفس في البيت، لذلك سمى البيت سكنا، لكن ضجيج المدينة ألغى هذه الصفة في البيت، لا تستطيع أن تنام، ضجيج مستمر، لكن لا يسمى السكن سكنا إلا إذا خيم عليه السكون فالنفس تسكن في البيت، ولذلك الإنسان إذا ذهب إلى الريف، ونام في بيت بعيد عن الضوضاء، والضجيج، يشعر بخدر فى أعصابه، بسبب السكون، والأذكياء والعقلاء يسكنون في أماكن هادئة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى