نحن والآخرون
بقلم/هند السيد شحاتة
قليل منا من يري الضعف وراء الغضب ومنا من يشعر بالألم وراء صمود البعض
منا من يسمع الأنين خلف الصبر وقليلون من يتمتعون بتلك البصيرة الثاقبة التى تتفهم و تستوعب الآخرين
تراهم ينظرون بعين الشفقة و يؤثرون الصمت فى الوقت الذى يتوقع منهم الإنتقام او الرد
ملأ الحب قلوبهم فأضفى على كل ما حولهم جمالا وستر الحب كل ما هو قبيح حولهم
ربما إستفزت إبتسامتهم الرقيقة التى لا تفارق ثغرهم بعض البشر من الذين يضنون بإبتسامتهم على الآخرين
وربما سمعوا ما لا يرضيهم من الكلمات بسبب لين طبعهم
و رغم ذلك يتشبثون بفطرتهم النقية وجودهم فى الحياة من أكبر النعم
و كأن الله تعالى خلقهم لتحقيق التوازن الإنفعالى بين البشر
هم يملكون القوة الحقيقية
لأن مفتاح إنفعالاتهم فى أيديهم و ليس ملك أهوائهم أو ملك البشر
فهم ملوك انفسهم هم من أطلقوا العنان لحرية القلب من قيود الشهوات
و ما أعظمها من نعمة أن يكون القلب حرا
فمن نحن ؟
نحن المفعمون بالخجل
لا نقرب أدوات النداء مهما كان الإحتياج
نغضض أبصارنا عن ذلات الآخرين
ونمد أيدينا المرتجفة لنصافح الأيام
ونغض الطرف عن أوجاعنا ظناً منا أن تجاهل الألم دواء
نحن المفعمون بالطفولة
ما زلنا نرسم أحلامنا في لوحة ونلونها كما نشاء
نبني بيوتاً بقطع المكعبات ونفتح نوافذها بحذر
نستمتع بإنجازاتنا الورقية التي يداعبها الهواء
ونقطع أوراق الكتب نهاية كل عام لنحتفل بإنقضاءه
وننثرها كالعصافير فوق الطرقات
نحن المرهفون
الذين يبكيهم مشهد تمثيلي
و يغمضون أعينهم في مشاهد الحرب
و ينهمرون عند أولى همسات الفراق
و تتسارع نبضاتهم عند كل همسة حب
نحن المتعبون
الذين أثقلوا بما حملوا من الزمن الجميل في طرقات المدن الخاوية من الحلم المجردة من الإنتماء
والمشردة في صقيع العلاقات و المشاعر
نحن المحاربون حقاً كي نمسك بقلوبنا على أجمل ما فينا ليحيا فينا الإنسان
