مقال

الدكروري يكتب عن الذكرأفضل من الدعاء

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الذكرأفضل من الدعاء
بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الذكرأفضل من الدعاء، لأن الذكر ثناء على الله عز وجل بجميل أوصافه وآلائه وأسمائه، والدعاء سؤال العبد حاجته، فأين هذا من هذا؟ ولهذا جاء في الحديث” من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين” ولهذا كان المستحب في الدعاء أن يبدأ الداعي بحمد الله تعالى، والثناء عليه بين يدي حاجته، ثم يسأل حاجته، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الدعاء يستجاب إذا تقدمه الثناء والذكر، وهذه فائدة أخرى من فوائد الذكر والثناء، أنه يجعل الدعاء مستجابا، فالدعاء الذي يتقدمه الذكر والثناء أفضل وأقرب إلى الإجابة من الدعاء المجرد، فإن انضاف إلى ذلك إخبار العبد بحاله ومسكنته، وإفتقاره واعترافه، كان أبلغ في الإجابة وأفضل، وإن قراءة القرآن أفضل من الذكر، والذكر أفضل من الدعاء.

وهذا من حيث النظر إلى كل منهما مجردا، وقد يعرض للمفضول ما يجعله أولى من الفاضل، بل يعينه، فلا يجوز أن يعدل عنه إلى الفاضل، وهذا كالتسبيح في الركوع والسجود، فإنه أفضل من قراءة القرآن فيهما، بل القراءة فيهما منهي عنها نهي تحريم أو كراهة، وكذلك الذكر عقب السلام من الصلاة ذكر التهليل، والتسبيح، والتكبير، والتحميد أفضل من الاشتغال عنه بالقراءة، وكذلك إجابة المؤذن، وهكذا الأذكار المقيدة بمحال مخصوصة أفضل من القراءة المطلقة، والقراءة المطلقة أفضل من الأذكار المطلقة، اللهم إلا أن يعرض للعبد ما يجعل الذكر أو الدعاء أنفع له من قراءة القران، مثاله أن يتفكر في ذنوبه، فيحدث ذلك له توبة واستغفارا، أو يعرض له ما يخاف أذاه من شياطين الإنس والجن، فيعدل إلى الأذكار والدعوات التي تحصنه وتحوطه.

فهكذا قد يكون اشتغاله بالدعاء والحالة هذه أنفع، وإن كان كل من القراءة والذكر أفضل وأعظم أجرا، وهذا باب نافع يحتاج إلى فقه نفس، فيعطي كل ذى حق حقه، ويوضع كل شيء موضعه، ولما كانت الصلاة مشتملة على القراءة والذكر والدعاء، وهي جامعة لأجزاء العبودية على أتم الوجوه، كانت أفضل من كل من القراءة والذكر والدعاء بمفرده، لجمعها ذلك كله مع عبودية سائر الأعضاء، فهذا أصل نافع جدا، يفتح للعبد باب معرفة مراتب الأعمال وتنزيلها منازلها، لئلا يشتغل بمفضولها عن فاضلها، فيربح إبليس الفضل الذي بينهما، أو ينظر إلى فاضلها فيشتغل به عن مفضولها وإن كان ذلك وقته، فتفوته مصلحته بالكلية، لظنه أن اشتغاله بالفاضل أكثر ثوابا وأعظم أجرا، وهذا يحتاج إلى معرفة بمراتب الأعمال وتفاوتها ومقاصدها.

وفقه في إعطاء كل عمل منها حقه، وتنزيله في مرتبته، ومن فوائد الذكر، أنه قيل في الذكر نحو من مائة فائدة، وهى أنه يطرد الشيطان ويقمعه ويكسره، وأنه يرضي الرحمن عز وجل، وأنه يزيل الهم والغم عن القلب، وأنه يجلب للقلب الفرح والسرور والبسط، وأنه يقوي القلب والبدن، وأنه ينور الوجه والقلب، وأنه يجلب الرزق، وأنه يكسو الذاكر المهابة والحلاوة والنضرة، وأنه يورثه المحبة التي هي روح الإسلام، وأنه يورثه المراقبة حتى يدخله في باب الإحسان، وأنه يورثه الإنابة، وهي الرجوع إلى الله عز وجل، وأنه يورثه القرب منه، وأنه يفتح له بابا عظيما من أبواب المعرفة، وأنه يورثه الهيبة لربه عز وجل وإجلاله وأنه يورثه ذكر الله تعالى له، كما قال تعالى “فاذكرونى أذكركم” وأنه يورث حياة القلب، وأنه قوة القلب والروح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى