مقال

الدكروري يكتب عن الإستئذان والإستأناس قبل الدخول

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإستئذان والإستأناس قبل الدخول
بقلم / محمـــد الدكــروري

قيل أن رجلا جاء إلى النبي صلي الله عليه وسلم فقال السلام عليكم فرد عليه ثم جلس، فقال عشر ثم جاء آخر فقال السلام عليكم ورحمة الله، فرد عليه، ثم جلس، فقال عشرون، ثم جاء آخر فقال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد عليه، ثم جلس، فقال ثلاثون” أي حسنة لأن الحسنة يجزى صاحبها بعشر أمثالها، وذلك بناء على أن كلا من السلام ورحمة الله وبركاته حسنة مستقلة، فإذا أتى بواحدة منها حصل له عشر حسنات، وإن أتى بها كلها حصل له ثلاثون حسنة، وذلك لكل من البادئ والراد، وكما أن من الحقوق هو إعلام الأهل بالدخول للبيت، فإن كثيرا من الناس من يدخل بيته وكأنه لص يريد أن يسرق شيئا، فإذا دخلت بيتك فأشعر من فيه بدخولك قبل وصولك إليهم لئلا يرتاعوا بمفاجئتك أو تكون كالمتخوّن الفاحص لهم.

فقال أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن مسعود كان أبي عبد الله بن مسعود إذا دخل الدار استأنس أي أشعر أهلها بما يؤنسهم وتكلم ورفع صوته حتى يستأنسوا، وقال الإمام أحمد إذا دخل الرجل بيته استحب له أن يتنحنح أو يحرك نعليه، قال عبد الله بن الإمام أحمد كان أبي إذا رجع من المسجد إلى البيت يضرب برجله قبل أن يدخل الدار حتى يسمع ضرب نعله لدخوله إلى الدار وربما تنحنح ليُعلم من في الدار بدخوله، ولهذا جاء في الحديث عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله نهى أن يطرق الرجل أهله ليلا يتخوّنهم أو يلتمس عثراتهم، وكما أن من الحقوق هو الاستئذان قبل الدخول، فإن بعض الناس يدخلون بيوتهم وكأنهم يدخلون مرابد البهائم بدون استئذان أو إشعار، فإذا كان بعض أهلك قارا في حجرته من دارك وأردت الدخول عليه فاستأذن.

لئلا تراه على حال لا يحب أو لا تحب أن تراه عليها، سواء كان من الحلائل أو المحارم أو غيرهم كأمك وأبيك أو بناتك أو أبنائك، فقد روى الإمام مالك في الموطأ عن عطاء بن يسار أن رجلا سأل رسول الله فقال أستأذن على أمي؟ فقال نعم، فقال الرجل إني معها في البيت، فقال رسول الله استأذن عليها، فقال الرجل إني خادمها، فقال استأذن عليها أتحب أن تراها عريانة؟ قال لا، قال فاستأذن عليها، وروري ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح قال سألت ابن عباس أأستأذن على أختاي؟ قال نعم، قلت إنهما في حجري وأنا أمونهما وأنفق عليهما؟ قال أتحب أن تراهما عريانتين؟ ثم قرأ قوله تعالى “وإذا بلغ الاطفال منكم الحلم فليستاذنوا كما استاذن الذين من قبلهم” فإن عليك أيها المسلم أن تستلهم من مسيرة حياتك وتأخذ العبرة من لحظات الضعف التي كنت بها قبل أن تصبح رجلا قويا.

فتكرس قوتك وتسخرها لعبادة الله وطاعته وتنتهز لحظات القوة لكي تؤدى واجب الطاعة والعبادة للخالق الذي أمدك بالقوة ووهبك العقل والفكر والبصيرة ، فلا تضيع قوتك التي سوف تزول لا محالة في هوى النفس وشهواتها ولا تفنى هذه القوة في معصية الله وكن قويا بالله، فمن كان مع الله، كان الله معه ومن كان الله معه، فمعه القوة التي لا تغلب ولا تقهر، فكن قويا بإيمانك بالله، فسألوا الله عز وجل من فضله فإن الله عز وجل يحب أن يسأله عباده كل حوائجهم الدقيق والجليل وأملوا من الله العطاء وقد قيل أفضل العبادة انتظار الفرج، فإن أفضل ما يرجوه العبد من ربه أن يأمل عطاءه فإنه من أحسن الظن بربه نال منه كل ما يرجوه ويتمناه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى