دين ودنيامقال

الوجود في نظر القرآن

جريدة الاضواء

الوجود في نظر القرآن

يكتبه/محمد شبكة

من الأسباب التي ضللت الإنسان في مدركاته ، واقتضت أن يصدر عن الكون والكائنات أحكاما طائشة ، جهله بعظمة الوجود.

هذا الجهل كما كان سببا في صلاله في اموره الدنيوية والعلوم الطبيعية ، كان كذلك مدعاة لتضليله في أحكامه الدينية.

إن من زعم بأن هذه الكورة الأرضية هى العالم أوله وآخره ، وإن تلك النجوم الزهر ، والكواكب المتلألئة في السماء ما هي إلا نقط لاماعة ، إقتصاها نظام الليل واستلزمها جمال المنظر ، وإن الأرض هي كل شئ في الوجود ، كانت أحكامه على دنياه ودينه مناسبة لهذه الدرجة من العلم ؛ فيضل عن وجوه الرقي المادي والأدبي على قدرها.

فى هذه الدركة النازلة وقف كل أصحاب الأديان الناكبين عن احكام القرآن ؛ وهي دركة كان فيها العالم قبل قرون عديدة ، فجاءت عقائدهم في الخالق ، والرسل والدين والنفس والأخلاق والشريعة مناسبة لها ، فلما ساد العلم الأوربي قبل ثلاثة قرون أنكر من الناس هذا الأمر ، فوقع بين أنصار القديم وأعضاء الجديد نزاع ، فتمسك الدينيون بنصوص كتبهم وأقواله وشراحه ، وقابلهم العلميون بأسلحة العلم ، وانضمت الحكومة الأولين لأنها كانت بيد المستبدين ، فأوقعوا بأهل العلم قتلا وتمثيلا ، حتى جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا.

تأيد العلم وعزت أنصاره ، وتقوضت دعائم الجهل وانتهت أركانه ، وأصبح الإنسان أخوف ما يكون إذا استشرق الوجود بعينه ، أو مر على عوالمه بخياله ، هنالك يجول به الفكر في مجالات إن لم يتدارك نفسه بالرجعى المسرعة منها فجئه من رهبة الكون ما فجئه فغشى عليه أو ما تدله : ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ )فاطر ٢٨ 

إن هذا القدر كبر الوجود في أعين أهل العلم ، وتأدبت أمامه نفوسهم ، فكم يكون مقدار الأدب الذي اكتسبوه من وراء ذلك ، ولاحت آثاره في أحكامهم على الخليقة والطبيعة والشريعة والخالق ؟ .

القرآن من أوله إلى آخره بطأ من كبرياء الإنسان ، ويقدع من أمر الجبرية فيه ، ليريه نفسه كما هي ، ويهديه إلى حقيقة ذاته ، ليتسنى له أن يدفهه إلى ما أعده من مقامات الكمال والرفعة.

يعرف قراء القرآن الكريم أن ما من موضع ذكر فيه العلم ، إلا وشفعه بما يرى الإنسان ، أنه منه في دور الطفولة ، وإن امامه باحات لا تحد بالفكر ، ولا تدرك بالتخيل ، قال تعالى: ( وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا ) طه 114 .

فالأيات تكسب الإنسان فكرة صحيحة عن عظمة الوجود.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى