مقال

الدكروري يكتب عن قال ما خطبكما؟ 

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن قال ما خطبكما؟

بقلم / محمـــد الدكـــروري

لقد جاء في تفسير ابن كثير، أن نبي الله موسي عليه السلام لما وصل إلى مدين وورد ماءها، وكان لها بئر يردها رعاء الشاء وجد عليه أمة من الناس يسقون أي جماعة يسقون، ووجد من دونهم امرأتين تذودان أي تكفكفان غنمهما أن ترد مع غنم أولئك الرعاء لئلا يؤذيا، فلما رآهما موسى عليه السلام رق لهما ورحمهما قال ما خطبكما؟ أي ما خبركما لا تردان مع هؤلاء؟ قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء أي لا يحصل لنا سقي إلا بعد فراغ هؤلاء وأبونا شيخ كبير أي فهذا الحال الملجئ لنا إلى ما ترى، قال الله تعالى، فسقى لهما، وعن عمرو بن ميمون الأودي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أن نبي الله موسى عليه السلام لما ورد ماء مدين، وجد عليه أمة من الناس يسقون قال فلما فرغوا أعادوا الصخرة على البئر.

 

ولا يطيق رفعها إلا عشرة رجال، فإذا هو بامرأتين تذودان قال ما خطبكما؟ فحدثتاه، فأتى الحجر فرفعه، ثم لم يستق إلا ذنوبا واحدا حتى رويت الغنم، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال خرج موسى عليه السلام خائفا جائعا ليس معه زاد حتى انتهى إلى ماء مدين، وعليه أمة من الناس يسقون وامرأتان جالستان بشياههما، فسألهما ما خطبكما؟ قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير، قال فهل قربكما ماء؟ قالتا لا إلا بئر عليها صخرة قد غطيت بها لا يطيقها نفر قال فانطلقا فأرياني إياها فانطلقتا معه فرفع الصخرة بيده فنحاها ثم استقى لهما سجلا واحدا فسقى الغنم ثم أعاد الصخرة إلى مكانها ثم تولى إلى الظل “فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير” فسمعتا ما قال فرجعتا إلى أبيهما.

 

فاستنكر سرعة مجيئهما فسألهما فأخبرتاه، فقال لإحداهما انطلقي فادعه، فأتته فقالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا، فمشت بين يديه فقال لها امشي خلفي فإني امرؤ علي ملة الخليل إبراهيم لا يحل لي أن أنظر منك ما حرم الله تعالي علي، وأرشديني الطريق، وعلي الإنسان أن يسعي سواء امتلك العبد معونة الزواج أو افتقدها، فعليه أن يصنع صنيع نبي الله موسي، ويظهر فقره وضعفه إلى الله فمن الثلاثة الذين يعينهم الله، الناكح يبتغي العفاف، وانظروا لقيمة الدعاء في جلب الخيرات وتحقيق المطلوبات فما كاد نبي الله موسي يفرغ من الدعاء إلا وجاءه الفرج من عند الله تعالي، ولقد وقع اختيار الفتاة على القوي الأمين، وهو أحد أولي العزم من الرسل، واستن شعيب بسنة الصالحين.

 

فمثل نبي الله موسي لا يفرط فيه حتى وإن كان فقيرا، فكان العرض، الذي لاقي قبولا وارتياحا من نبي الله موسي، فلا كبر ولا عجب ولا غرور، كما يفعل بعض من لا تقوي عنده، إذا تم عرض الابن عليه، فلما جاء نبي الله موسي إلي شعيب عليهما السلام وقص عليه القصص قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين، فقال لها أبوها ما رأيت من قوته وأمانته؟ فأخبرته بالأمر الذي كان، قالت أما قوته فإنه قلب الحجر وحده وكان لا يقلبه إلا عشرة من الرجال، وأما أمانته فإنه قال امشي خلفي وأرشديني الطريق لأنني امرؤ علي دين الخليل إبراهيم عليه السلام، ولا يحل لي منك ما حرم الله تعالى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى