مقال

الدكروري يكتب عن مطاردة العباسيين للأمويين

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن مطاردة العباسيين للأمويين
بقلم / محمـــد الدكـــروري

لقد سار عبد الله بن علي العباسي وراء مروان بن محمد ومن معه من الأمويين للقضاء عليهم فنزل على نهر الكسوة، ووجه يحيى بن جعفر الهاشمي نائبا على دمشق ثم سار فنزل مرج الروم، ثم أتى نهر أبي فطرس فوجد مروان قد هرب لمصر، وقد جاءه كتاب السفاح ابعث صالح بن علي في طلب مروان وأقم أنت في الشام نائبا عليها، فسار صالح يطلب مروان، فنزل على ساحل البحر وجمع ما هناك من السفن وبلغه أن مروان قد نزل الفرما، والفرما هى تعني بيت آمون بالقبطية، وهى إحدى المدن الثلاث لمنطقة بورسعيد القديمة طبقا للحدود الإدارية لها، حيث توجد مدينة الطينة شرقا، وكذلك مدينة تنيس، وكانت الفرما تسمى بيلوز، وقد ذكرت في التوراة باسم سين، ومعناها قوة مصر.

وهي أعظم مدن هذه المنطقة خلال فترة حكم الأسر في العصر الفرعوني، وتؤكد البرديات الفرعونية على أن ست، قد قتل أخاه أوزوريس في هذه المنطقة، وعرفت الفرما في العصرالمسيحي باسم برما أو برمون، وتعني بيت آمون، وفي العصر العربي الإسلامي أصبح اسمها الفرما ومكانها اليوم تل الفرما تبعد عن شرق بورسعيد بنحو ثلاثين كيلو متر، ثم أتى صالح بن علي العريش، ثم سار إلى الصعيد، لكن مروان عبر النيل وقطع الجسر وحرق ما حوله من العلف والطعام، ومضى صالح في طلبه، فالتقى بخيل لمروان فهزمهم، ثم جعل كلما التقوا مع خيل لمروان يهزمزنهم حتى سألوا بعض من أسروا عن مروان فدلهم عليه، وإذا به في كنيسة أبو صير فوافوه من آخر الليل.

فانهزم من مع مروان من الجند وخرج إليهم مروان في نفر يسير معه فأحاطوا به حتى قتلوه، حيث طعنه رجل من أهل البصرة يقال له معود، ولا يعرفه حتى صاح رجل من أنصار مراون وقال قتل أمير المؤمنين، فابتدره رجل من أهل الكوفة كان يبيع الرمان فاحتز رأسه، فبعث به عامر بن إسماعيل أمير هذه السرية إلى أبي عون، فبعث به أبو عون إلى صالح بن علي فبعث به صالح مع رجل يقال له خزيمة بن يزيد بن هانئ كان على شرطته، للسفاح، وكان مقتل مروان يوم الأحد لثلاث بقين من ذي الحجة عام مائه واثنين وثلاثين من الهجره، وكانت خلافته خمس سنين وعشرة أشهر، وله من العمر ستين سنة، وهرب ابناه عبد الله وعبيد الله إلى النوبة، ولعبيد الله قصة شهيرة مع ملك النوبة الذي أخرجه من بلاده قبل أن يظفر به بنو العباس.

وهرب عبد الله، ثم بعد مدة، ظفر به أبو جعفر المنصور، فاعتقله، ولم يقتله، وفى النهايه هذا هو هو مروان بن محمد بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية، وكان في بداية ظهور مروان السياسي، ولاه الخليفة هشام بن عبد الملك نيابة أذربيجان وأرمينيا والجزيرة الفراتية في سنة مائه وأربعة عشر من الهجره، ففتح بلاد كثيرة وحصونا متعددة، وكان لا يفارق الغزو في سبيل الله، وقاتل طوائف من الناس من الترك والخزر واللان والأرمن والروم والصقالبة وغيرهم، فكسرهم وقهرهم، وقد كان شجاعا بطلا مقداما حازم الرأي لولا أن جنده خذلوه في أخر أمره أمام العباسيين، لما له من الحكمة، حتى أنه أخذ الخلافة بشجاعته وصرامته، وكان مروان كثير المروءة كثير العجب، يعجبه اللهو والطرب.

ولكنه كان ينشغل عن ذلك بالحروب، وكتب مروان بن محمد إلى جارية له تركها بالرملة عند ذهابه إلى مصر هاربا، وقيل جلس مروان يوما وقد أحيط به وعلى رأسه خادم له قائم، فقال مروان لبعض من يخاطبه ألا ترى ما نحن فيه؟ لهفي على أيد ما ذكرت، ونعم ما شكرت، ودولة ما نصرت، فقال الخادم يا أمير المؤمنين، من ترك القليل حتى يكثر، والصغير حتى يكبر، والخفي حتى يظهر، وأخر فعل اليوم لغد، حل به أكثر من هذا، فقال مروان هذا القول أشد علي من فقد الخلافة، وهكذا كانت نهاية الدولة الأموية حينما تلاقى جيش الأمويين بقيادة آخر خليفة أموي وهو مروان بن محمد، مع جيش العباسيين في معركة الزّاب الشهيرة، حيث لحق بالأمويين هزيمة نكراء، سقطت على إثرها دولتهم وخلافتهم، وكان ذلك في عام مائة واثنين وثلاثين من الهجره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى