مقال

الدكروري يكتب عن العلماء وصلاة الرغائب

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن العلماء وصلاة الرغائب
بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد جاء رجل إلى مكة المكرمة ببيت الله الحرام الكعبة المشرفة، فلم يزل كفار قريش يقولون إن محمدا فرق جماعتنا، وشتت أمرنا، وإنما قوله كالسحر وإنا نخشى عليك وعلى قومك ما قد دخل علينا، فلا تكلمنه، ولا تسمعن منه شيئا، فقال هذا الرجل فوالله ما زالوا بي حتى أجمعت أن لا أسمع منه شيئا، ولا أكلمه حتى حشوت في أذني كرسفا خوفا أن يبلغني شيء من قوله، وأنا لا أريد أن اسمعه، فغدوت إلى المسجد، فإذا رسول الله صلي الله عليه وسلم قائم يصلي عند الكعبة فقمت قريبا منه فأبى الله إلا أن أسمع بعض قوله، فسمعت كلاما حسنا فقلت في نفسي، واثكل أمي، والله إني رجل لبيب شاعر، وما يخفى علي الحسن من القبيح، فما يمنعني أن أسمع من هذا الرجل ما يقوله، فإن كان الذي يقوله حسنا قبلته.

وإن كان قبيحا تركته، فلما سمع القرآن من النبي صلي الله عليه وسلم غضا طريا قال ” والله ما سمعت قولا قط أحسن منه، ولا أمرا أعدل منه” إنه الصحابي الجليل الطفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه، ولقد أثرت كلمات القرآن في نفسه، وسرت إلى عقله وقلبه همسات دافئة هادئة تحمل هداية القرآن الكريم، وفي صلاة الرغائب يقول الإمام الغزالي في كتابه الأحياء ” وهذه الصلاة مشهورة في كتب المتأخرين التي لم أرى لها ولا لدعائها مستندا صحيحا من السنة إلاَ أنه من عمل المبتدعة” وقد بيّن الإمام النووي رحمه الله، أن ما يُسمى بصلاة الرغائب في شهر رجب وصلاة شعبان بدعتان قبيحتان، وبناء عليه يكره الاجتماع لإحياء مثل هذه الليلة في المسجد أو في غيره، وأيضا الاعتقاد بأن ليلة النصف من شعبان هي ليلة القدر.

حيث يعتقد البعض أن ليلة النصف من شعبان هي ليلة القدر، وفي الحقيقة أن هذا اعتقاد باطل، فقد قال الله تعالى ” شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن” وقال تعالى ” إنا أنزلناه فى ليلة القدر” وبناء على ذلك فإن ليلة القدر في رمضان، وليست في شعبان، وقد ظهرت هذه البدعة في عام ربعمائة وثمانى وأربعين من الهجرة النبوية الشريفة، حيث قدم للمسجد الأقصى رجل من مدينة نابلس يُدعى بابن أبي الحميراء، وكان حسن الصوت، فقام يصلي في ليلة النصف من شعبان فلحق به رجل، ثم الآخر، ثم تكاثر المصلون، وما أن ختم الصلاة إلا وخلفة جماعة كبيرة، وهكذا فإن من فضل الله سبحانه وتعالي علينا أن جعل لنا مواسم للطاعات، أجزل لنا فيها العطايا والنفحات، ترفع فيها الدرجات.

وتتضاعف فيها الحسنات، ويتزود فيها المؤمن بخير زاد، ويسارع فيها إلى الخيرات والطاعات والقربات إلى رب البريات، ولذلك يقول ربنا عز وجل كما جاء في سورة آل عمران ” وسارعوا إلي مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين” وإن من هذه النفحات الطيبة، والأيام العطرة هو شهر شعبان، فهو فرصة عظيمة من فرص الخير الوفير، فهو شهر يتشعب فيه خير كثير، ويكفى أنه في فضله ما جاء عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، عن النبي صلي الله عليه وسلم قال ” يطلع الله إلي خلقه في ليلة النصف من شعبان، فيغفر لجميع خلقة إلا لمشرك أو مشاحن” رواه ابن حبان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى