خواطر وأشعار

سيدنا ابراهيم ابو الأنبياء

جريدة الأضواء

بقلم احمدفاروق الوليلي
قصة سيدنا ابراهيم ابو الأنبياء
الحلقه الثانيه…
ذكاء سيدنا ابراهيم عليه السلام في معرفه ربه
وكيف استطاع أن يبرهن لقومه ضلالهم وإثبات وجود الله
وكيف نجاه الله من النار ….

سيدنا إبراهيم من طفولته كان فطن جدا مابيقتنعش بالأصنام وبيسخر منها وبيستغرب إزاي في ناس بتصنع شيء بإيديها وترجع تعبده
(وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (51) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (52) قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ (53) قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) .. [ سورة الأنبياء]

وفي يوم فكّر إنه يثبت للكافرين ضلالهم , بس بأدب ولُطف وحِكمة في إقامة الحجة, فـ راح لـ عَبَدة النجوم والكواكب , ولما شاف كوكب مُضيء بيعبدوه سألهم أهذا ربي ؟ .. كأنه بقى معاهم في إعتقادهم , فلما غاب الكوكب , أظهر إستنكاره بكل منطقية , هل فيه رب بيغيب عن معبوديه؟! ..

وبكده يكون أحرجهم وأقام الحجة عليهم بالعقل وبالمنطق (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ) ..[ آية 76 : سورة الأنعام]
وكرر الموضوع دا مع القمر , فلما غاب , لجأ قدامهم للرب الحقيقي والمعبود الأوحد إللي مؤكد شايفه وسامعه,
(فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ) ..[ آية 77 : سورة الأنعام]
وكرر نفس الفكرة مرة أخيرة مع الشمس .. فلما غابت واجههم إنه بريئ من إشراكهم , فـ أثبت عليهم إشراكهم بـ 3 مواقف بيأكدوا إن فيه إله واحد حقيقي أحق بالعبادة من كل إللي هُمَّ بيعبدوه (فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (78) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) .. [آية 78 , 79 : سورة الأنعام]
وفي يوم كان سيدنا إبراهيم ماشي على البحر , فـ شاف حيوان ميت , نصه في البحر ونصه على البر. النص إللي في البحر بياكلوه السمك وإللي على البر بياكلوه السباع
فتفكّر .. ياترى إزاي ربنا بيحيي الحيوان ده بعد ما مات وكل جزء فيه اتفرّق بالشكل ده
فطلب من ربنا يوريه إزاي بيحيي الموتى
سيدنا إبراهيم كان مؤمن ومُتيّقن من حقيقة إحياء الله للموتى , لكنه كان بيتفكّر في “الكيفية” من باب المُعاينة (يعنى عاوز يشوف ازاى بعينه )

لكن لما الموقف يتحكي فيما بعد ويسمعه ناس زينا ممكن يختلط علينا الأمر وتحصل شُبهة على خليل الله إنه كان شاكك في قُدرة الله خصوصاً إن سؤاله بـ”أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ” ممكن يتفهم على إنه شك! , ربنا عالم بقلب عبده , فنلاقي ربنا نفى التُهمة تماماً عن خليله بسؤال “أَوَلَمْ تُؤْمِن” فكانت الإجابة “بَلَىٰ” فـ ثبت الأمر ونُفيت شُبهة الشك ,
فكمّل وقال “وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي” .. يعني ليطمئن قلبي بإرتقائه من المعلوم بُرهاناً إلى المعلوم عياناً.
وكان له ما طُلب لما ربنا أمره يعمل الآتي :
جاب أربع طيور [ يُقال إنهم حمامة وطاووس وديك وغراب] .. ودبحهم وقطّعهم تماماً وخلط الاجزاء إللي اتقطّعت كلها على بعض , و وزّعهم على الجبال إللي حواليه [وكانوا غالباً 10 جبال] ومسك المناقير الأربعة بين صوابعه, وبعد كده ناداهم, فـ تكوّن كل طير من جديد في مشهد بديع صعب العقول تصدّقه ولو كانت العيون شاهدة عليه , رجعت الأبدان وإكتملت, بل وذهبت فوراً لمناقيرها إللي بين صوابعه وإختار كل جسم المنقار الصحيح إللي يخصه.
_
سيدنا إبراهيم كان متزوج من السيدة سارة .. وهي أول من آمن به ..ومن بعدها آمن بيه سيدنا لوط (فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ) ..[ آية 26 : سورة العنكبوت] .. [وبعد إيمان سيدنا لوط بالرسالة , هاجر لبلد تانية ونزلت النبوة عليه وبُعث في قوم آخرين وده اللي بإذن الله هنحكيه الحلقة الجاية..]

من ضمن مواقف الدعوة الإبراهيمية اللي القرآن بيحكيهالنا هي مُجادلة النمرود لسيدنا إبراهيم وإللي ممكن نلخّصها في الحوار التالي :
نمرود : يا إبراهيم، من ربك؟
سيدنا إبراهيم : { رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ}
النمرود : {أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ }
سيدنا إبراهيم: كيف تُحيي وتُميت؟
النمرود : أطلبُ رجلين من المحكوم عليهم بالقتل، فأُطلق واحداً ، وأقتُل واحداً، فأكونُ قد أمتّ وأحييت
سيدنا إبراهيم: إن كنت صادقاً، فأحْي الذي قتلته..
[النمرود سكت وماقدرش يرد , فـ سيدنا إبراهيم حَب يكشفه بـ إقامة حجة تانية عليه..]
فقال: دع عن هذا {فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ}
وهنا سكت النمرود تماماً فـ إتضح مدى كذبه وإدعائه (فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ)

إقترب عيد كبير كان القوم بيعملوه كل سنة ويخرجوا مخصوص عشانه من البلد .. آزر كان بيحاول يقنع سيدنا إبراهيم إنه يحضر معاهم العيد ده بإعتبار إنه لو شاف دينهم هيعجبه وينضملهم ويبطّل دعوته دي,
لكن سيدنا إبراهيم كان ناوي على حاجة تانية أهم .. ف اعتذر .. لحد ما لاقى الحيلة فـ قعد في البلد بعُذر المرض { فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُوم (88) فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ} .. [ سورة الصافات]

خرج القوم وبمجرد خروجهم سيدنا إبراهيم حلف وتوعّد إنه هيكسّر آلهتهم ويثبتلهم مدى ضعفها ومدى جهلهم { وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ} .. {آية 57 :سورة الأنبياء}
يُقال إنه قالها في سره , ويُقال إنه قالها بصوت عالى وإللي سمعوه كانوا الضعفاء وأصحاب الأعذار إللي ماخرجوش للأعياد وإستنوا في البلاد..

الآلهة كانت عبارة عن ايه أصنام صغيرة كتيرة وصنم واحد كبير هو أعظمهم وأقدسهم في نظرهم , سيدنا إبراهيم أخذته الغيرة على الدين فـ مسك الفأس وكسّر كل الصغيرين .. { فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (91) مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ (92) فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ } ..[سورة الصافات]

وبمجرد ما إنتهى من التحطيم حط الفأس ده في إيد صنمهم الكبير عشان يرجعون للصنم فيسألوه عن إللي عمل كده في الباقيين , أو يسألوه إزاي يتعمل كده فيهم وما يدافعش عنهم ولا يحميهم , أو يرجعون للحق والعقل ويآمنوا بدين سيدنا إبراهيم..
{فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ} .. [آية 58 : سورة الأنبياء]

رجع القوم وشافوا اللي حصل وغضبوا و إنفعلوا وسألوا عن إللي عمل كده
الناس إللي كانوا في البلد مستنيين , قالولهم إنهم سمعوا شاب بيتكلم عن الآلهة بسوء , إتكلموا عنه كأنه من المجهولين , قالوا الظاهر كده إن اسمه إبراهيم
{قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ (59) قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ}
دوّروا عليه وجابوه .. كانوا ناويين يسمعوا منه ويشهّدوا الناس عليه وبعدها يعاقبوه فـ يبقى عِبرة لأي حد يفكر يعمل زيه
وهو ده إللي من البداية سيدنا إبراهيم كان عايزه .. دلوقتي بس يقدر يثبتلهم جهلهم قدام الناس دي كلها , يقدر يكلمهم بالعقل والمنطق قدام البلد كلها.

سألوه إذا كان هو إللي عمل كده فعلاً ! .. فكانت الإجابة بالمنطق إنكم بتدوّروا على اللي عمل كده ليه ما هو كبير الأصنام ماسك الفأس أهو وهو الوحيد إللي لِسّه سليم , يبقى هو إللي حطّم الباقيين..
كانت إجابته بتوصّل لنتايج كتير .. أولاً شككهم في إن كبيرهم غار من إنهم يعبدوا معاه أصنام صغيرة فحطّمهم عشان يتفرّد بالعبادة .. وده بيؤدي بالضرورة إن الأصنام الصغيرة دي أكيد مش آلهة لإنها ماقِدرتش تدافع عن نفسها
وفي نفس الوقت ده بيوصّلهم لفكرة وحدانية الإله اللي هتكون تمهيد هايل للدعوة لدين سيدنا إبراهيم..

سيدنا إبراهيم إفترض معاهم الباطل بإنه قال على الصنم الكبير إنه ممكن يكون الفاعل , عشان يرجعوا لعقلهم عشان يردوا بنفسهم ويعترفوا بحقيقة إن الأصنام لا تتحرك او تنفع او تضر او تنطق

{ قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ(61) قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (62) قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ(63) فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ (64) ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ (65) قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (66) أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} .. [سورة الأنبياء]

قوم سيدنا إبراهيم فاقوا عن الضلال وبعدين رجعوا تاني للعِند وأصرّوا على الضلال , وفوق كده اجتمعوا إنهم هيعاقبوه.. عقاب شديد وصارم بالحرق حياً على أعين الناس عشان يبقى عِبرة لغيره. {قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ}.. [آية 97 : سورة الصافات]
إبتدوا يبنوا محرقة كبيرة ويجمعوا الحطب لإشعالها بكل ما لديهم من طاقة , قربان للآلهة بقى و دفاع عنها وكل الناس بتشارك بإستماتة! .. { قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ} ..[آية 68 :سورة الأنبياء]

حتى الخيّاطة كانت تبيع شغلها وتجيب بالفلوس حطب للمحرقة! .. قعدوا على الحال ده شهر تقريباً , لحد مابقت النار من شرارها تحرق الطيور إللي معدّية في السما !
إحتاروا هيرموا سيدنا إبراهيم إزاي والحال إن محدش قادر يقرّب.. فأوحى لهم الشيطان بالمنجنيق..!
ربطوه ورموه , وفي وسط كل ده كان سيدنا إبراهيم محافظ على يقينه وإيمانه وماقالش غير كلمة واحدة هي ” حسبي الله ونعم الوكيل”

فـ ربنا قال “يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ ”
يُروى إن بعد الأمر الربّاني ده نفخت كل حيوانات الأرض النار (عن) سيدنا إبراهيم عشان تبرد فتكون سلام عليه , ماعدا البرص هو الوحيد إللي نفخ النار (على) سيدنا إبراهيم .. ومن هنا جاء حديث الحث على قتل البرص و إن إللي يقتله ياخد أجر
ويُقال إن إللي برّد النار كان سيدنا جبريل بـ جناحه
ويُقال محدش نفخ على النار أصلا ده ربنا أمرها بـ كُن فيكون ونفذّت أمره لأنها مخلوق وتحت طوعه..
من رحمة ربنا إنه قال” بَرْداً وَسَلاماً ” فلو كان قال برداً بس , كان سيدنا إبراهيم إتجمد من كتر البرد!
المهم النار فعلا بقت باردة مُسالمة لدرجة إن يومها مافضلش نار في الدنيا كلها إلا وانطفئت.
سيدنا إبراهيم قعد فيها أيام مش دقايق , ومع ذلك كانت عِيشة هَنيّة مّنعّمة بيحكي عنها ويقول ” ما كنت أياماً قط أنعم مني في الأيام التي كنت فيها في النار”
النمرود [حاكم العراق و مُدّعي الأولوهية ] من كتر الإنبهار فلتت كلمة من لسانه وقال ” من إتخذ إلهاً فليتخذ مثل إله إبراهيم ” , وقيل إنه أول ما شاف سيدنا إبراهيم في الحالة دي قال ” نِعم الرب ربك يا إبراهيم!”
_
سيدنا إبراهيم ساب بلد قومه [ العراق] وسافر هو وزوجته ساره.. وفي الطريق مرّ على أرض حاكم جبّار وظالم [ يُقال أنها مصر] .. وهناك أعوان الجبار أول ماشافوا جمال ستنا سارة بلّغوا الحاكم أنه ” قد قدِم أرضك إمرأة لاتنبغي إلا لك” .. فأمرهم يجيبوها ويتحققوا من أمر الراجل إللي معاها ؛ لو كان جوزها يقتلوه , لو كان أخوها يسيبوه.
سيدنا إبراهيم طلب من ستنا ساره تقول لهم إنها أخته .. بإعتبار إنها فعلاً أخته في الاسلام ..وبما إنه كان متأكد إن ربنا هينجيّها ويحميها , لكنه ساعتها كان مُخيّر بين الكدب والقتل فحب إنه يبعد أخطر الضررين بإختيار أهونهما لينجو هو وزوجته ..
[وهي دي تالت كدبة كدبها سيدنا إبراهيم زي ما سيدنا النبي ذكر في الحديث الصحيح .. والكدبتين التانيين لما قال “ِإنِّي سَقِيمٌ” علشان مايروحش مع قومه فيقدر يكسّر الاصنام , ولما قال “بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا” عشان يبيّن للكفار عجز آلهتهم عن حماية نفسها وعجزها حتى عن الرد على سؤالهم ..
الي اللقاء مع الحلقه الثالثه من قصه سيدنا ابراهيم عليه السلام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى