غير مصنف

الدكروري يكتب عن فرار بني محارب من المسلمين بقلم / محمـــد الدكـــروري

جريدة الأضواء

بقلم / محمـــد الدكـــروري

ذكرت كتب السيرة النبوية الشريفة الكثير عن غزوة ذي أمر، وكانت نتائج غزوة ذي أمر أن انتهت غزوة ذي أمر بين المسلمين وأعدائهم من بني ثعلبة وبني محارب دون قتال إذ فروا من أمام المسلمين خشية من لقائهم في أرض المعركة، وبذلك تحققت الغاية الرئيسية من خروج الرسول صلى الله عليه وسلم، بجيشه للقائهم في مساكنهم، ومن نتائجِ هذه الغزوة هو إسلام واحد من سادات غطفان المطاعين وذوي الهيبة والنفوذ فيهم جراء عفو وصفح الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو دعثور بن الحارث الذي انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو قائم تحت شجرة ينشر ثيابه كي تجف من مطر أصابهم في ذلك الموضع، فقال دعثور وهو حامل سيفا مصقولا يريد الفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم.

فوقف عن رأس النبى الكريم صلى الله عليه وسلم، وقال له مَن يمنعُك مني؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، الله يمنعني ودفع جبريل عليه السلام دعثورا فوقع السيف من يده، فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له ” من يمنعك مني؟ فأجاب دعثور، لا أحد ثم نطق بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، ومن هذه الواقعة استشفت القبائل العربية أن النبى صلى الله عليه وسلم، مُرسل من عند الله إذ ليس من عادات الملوك والأمراء العفو عن من وقف حاملا السيف يريد النيل منهم إلى جانب عصمة الله له من الشر والأذى، وفي رواية وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، ثم أتى قومه أي بعد أن أعطاه صلى الله عليه وسلم سيفه، فجعل يدعوهم إلى الإسلام.

وأخبرهم أنه رأى رجلا طويلا دفع في صدره فوقع على ظهره، فقال، علمت أنه ملك فأسلمت، ونزلت هذه الآية الكريمة على النبى صلى الله عليه وسلم من سورة المائده “يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم” ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ولم يلق حربا، وكانت مدة غيبته إحدى عشرة ليلة، وكما أن هذه الغزوة أسهمت في تقوية جيش المسلمين وتدريبه كي يقوى على مواجهات أشد في الأيام والسنوات اللاحقة، وفي موقف النبي صلى الله عليه وسلم مع دعثور بن الحارث في غزوة ذي أمر تجلى حب النبي صلى الله عليه وسلم للعفو والصفح عمن أساء إليه، وقال ابن حجر، فمن عليه وعفا عنه، لشدة رغبته صلى الله عليه وسلم في استئلاف الكفار.

ليدخلوا في الإسلام، وقد ترك هذا الموقف النبوي الكريم أثرا كبيرا في أعراب هذه المنطقة من غطفان، وقد بين لهم أن النبي صلى الله عليه وسلم ليس رجلا شجاعا وكريما وعفوا فحسب، وإنما هو أيضا نبي مرسل، لأنه ليس من عادة الملوك والقادة أن يتركوا من وقف على رؤوسهم بالسيف مهددا بقتلهم دون أن يقتلوه، وليس من عادتهم الرحمة والتسامح إلى هذا الحد، مما كان لذلك أبلغ الأثر في تفكير هؤلاء الأعراب جديا في الدخول في الإسلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى