مقال

الدكروري يكتب عن شراء الأضحية وذبحها

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن شراء الأضحية وذبحها

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ذكرت كتب الفقه الإسلامي والأحاديث النبوية الشريفة الكثير عن الأضاحي، وقيل أن الإنسان إذا كان له أضحية أشهرها في بلده، وعنده أضاحى أخرى لأموات، أو لغيرهم فأرسلها إلى أماكن أخرى من بلاد المسلمين المحتاجين لتذبح عندهم فلا بأس بذلك، لكن لا يخرجها، ويصرفها عن مكانه فربما تخلو الأضحية من البلد لو أنهم اتفقوا على ذلك، ولكن قد يُخرج الإنسان الأضحية للحاجة خارج البلد، كأن يكون غير قادر على شراء أضحية هنا، ولكن ما معه من المبلغ يكفي لأضحية هناك، فهذا أحسن من أن يبقى بلا أضحية هنا، وأن هذه الشاة الواحدة التي تجزئ عن الإنسان وأهل بيته وعياله، ولو كان فيهم من يعمل، ويكسب المال، ما دام اجتماعهم في معيشتهم واحدا، طعامهم وشرابهم.

 

ونفقتهم واحدة، معيشتهم واحدة، زادهم واحد، أضحية واحدة، فإن انفصلوا في النفقات والطعام، وإن انفصلوا في المعيشة، فلكل أضحيته، ومن أحكام الأضحية أنه ينبغي لمن أراد أن يضحي أن يمسك عن الأخذ من شعره وأظفاره وبشرته من دخول العشر إلى أن يذبح أضحيته، لقوله صلى الله عليه وسلم “إذا رأيتم هلال ذي الحجة، وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره” أى حتى يضحي، وفي رواية” فلا يمس من شعره ولا من بشره شيئا” رواه مسلم، وهذا أمر للوجوب، ونهي للتحريم على أرجح الأقوال لأنه أمر مطلق، ونهي مجرد لا صارف لهما فليمسك عن شعره وأظفاره، فلا يمس من شعره ولا من بشره شيئا، ولعل الله لما علم ضعف المقيمين عن الذهاب إلى الحج عوضهم بشيء فيه مشابهة الحجاج.

 

وسلوانا، وتسلية لأنفسهم، إذا رأوا عباد الله، وفد الله ذاهبون، وهم قاعدون في البلاد، فجعل لهم شيئا من النسك يشابهون فيه الحجاج، ومن تعمد الأخذ من شعره وأظفاره فعليه أن يستغفر إلى الله، ويتوب، ولا فدية، وأضحيته صحيحة، لكنه أنقص أجره ووقع في الحرج نتيجة معصيته لأمر رسول الله ونهيه صلى الله عليه وسلم، ومن احتاج إلى أخذ شيء من ذلك لتضرره ببقائه كانكسار ظفر، أو جرح عليه شعر يتعين أخذه، أو حجامة احتاج إليها لمرض فلا بأس لأنه ليس أعظم من المحرم الذي أبيح له الحلق للأذى، ولا يحرم على المضحي أن يطأ زوجته، ولا حرج عليه في غسل رأسه وترجيله، وتمشيط شعره، لكن لا يتعمد تقطيع الشعر، ولعله إذا وفر شعره وأظفاره إلى حين ذبح أضحيته.

 

رجاء أن يعتقه الله كله من النار بشعره وأظفاره، ومن لم يكن عنده نية أضحية من أول العشر فأخذ من شعره وأظفاره، ثم أراد أن يضحي لأن الله رزقه مالا فلا حرج عليه، يمسك من حين نوى، ولا تنفع الحيلة بأن يوكل زوجته بالأضحية، ومن النساء من توكل أخاها في أضحيتها لتأخذ من شعرها، وهذا لا ينفع لأن الحكم متعلق بالمضحي الذي دفع المال، هو صاحب الأضحية فهو الذي يمسك، سواء كان له وكيل، أو غيره، فالوكيل لا يتعلق به نهي، فإن النهي خاص بمن أراد أن يضحي عن نفسه، وأما من يضحي عن غيره بوصيه، أو وكالة، فهذا لا يشمله النهي، وظاهر الحديث أنه خاص بصاحب الأضحية لا يعم زوجته، ولا أولاده، إلا إذا كانت لهم أضاحى خاصة بهم.

 

ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يضحي عن آل محمد، ولم يُنقل أنه نهاهم عن الأخذ، وإذا لم نعرف هل شهر ذي القعدة ثلاثين أو تسع وعشرين، فالأصل إكمال الشهر ثلاثين، فإذا غربت شمس آخر يوم من ذي القعدة أمسك المضحي عن شعره وأظفاره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى