مقال

الخلافة بعد رسول الله

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الخلافة بعد رسول الله
بقلم / محمـــد الدكـــروري
بعد وفاة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، فقد قام الصحابة الكرام بتولي الخلافة في الفترة التي عرفت بعهد الخلفاء الراشدين وهم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن ابى طالب، وتلاهم صحابي أموي واحد وهو معاوية بن أبي سفيان، وقد تفرق الصحابة في البلدان التي تم فتحها، وقاد الصحابة العديد من الفتوحات الإسلامية في بلاد الشام وفارس ومصر وخراسان والهند وبلاد ما وراء النهر، ولقد كان هؤلاء الصحابة الكرام ممثلين صادقين لتراث رسول الله صلى الله عليه وسلم الخلقي، ودعاة الإسلام في المستقبل، وحملة تعاليم النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، التي بلغها إلى أهل التقوى والورع، ولقد رفع بهم اتصالهم المستمر برسول الله صلى الله عليه وسلم.

وحبهم الخالص له، إلى عالم من الفكر والعواطف لم يشهد محيط أسمى منه وأرقى مدنية واجتماعا، والواقع أن هؤلاء الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، كان قد حدثت فيهم تحولات ذات قيمة كبيرة من كل زاوية، وأثبتوا فيما بعد في أصعب مناسبات الحروب أن مبادئ النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم إنما بذرت في أخصب أرض أنبتت نباتا حسنا، وذلك عن طريق أناس ذوي كفاءات عالية جدا، وقد كانوا حفظة الصحيفة المقدسة وأمناءها، وكانوا محافظين على كل ما تلقوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم من كلام أو أمر، ولقد كان هؤلاء قادة الإسلام السابقين الكرام الذين انجبوا فقهاء المجتمع الإسلامي وعلماءه ومحدثيه الأولين، وإن الأنصار من صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم وتلاميذه.

وكانوا من سُكان المدينة المنورة، وقد استقبلوا رسول الله صلي الله عليه وسلم وإخوانهم من المهاجرين بعد الهجرة، وقاسموهم أموالهم وجميع ما يملكون، وهم من أفضل الأمّة بعد الأنبياء والرُسل لمحبتهم لله تعالى ورسوله الكريم صلي الله عليه وسلم وتعظيمهم لهم، والإيمان بهم، ومُناصرتهم للدين، والدفاع عنه، والدعوة إليه، والتضحية لأجله، وبذل كل ما يملكون في سبيله، والأنصار هي تسمية أطلقت على سكان يثرب الذين آمنوا بالنبي محمد صلي الله عليه وسلم ونصروه، ودعوه للهجرة إلى مدينتهم، وقد بدأ الاتصال بينهم في موسم الحج في مكة، حين عرض النبي صلي الله عليه وسلم على عدد منهم الإسلام فقبلوه، قبل أن تنتشر الدعوة منهم إلى إخوانهم، ليأتي إثني عشر شخصا منهم للقاء النبي صلي الله عليه وسلم.

ويبايعونه على النصرة في ما عرف ببيعة العقبة الأولى، ثم لاحقا حضر بيعة العقبة الثانية ثلاث وسبعون شخصا، لتكتمل الجهود بهجرة النبي صلي الله عليه وسلم إليهم، ويظهر حب رسول الله صلي الله عليه وسلم في حديث شريف أثناء توزيع الغنائم ذات مره في إحدي الغزوات بعد فتح مكه وهو وعن أنس بن مالك رضي الله عنه وأرضاه، قال “أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض العرب الذين شهدوا حنيناً, كلاً منهم مائة ناقة، وترك الأنصار فاجتمع الأنصار وقالوا غفر الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي قريشا وسيوفنا تقطر من دمائهم أفلا يعطينا؟ فسمع عليه الصلاة والسلام ذلك فجمعهم ثم أشرف عليهم وقال يا معشر الأنصار ما قالة بلغتني عنكم؟ قالوا هو ما سمعت يا رسول الله.

أما رؤساؤنا وفقهاؤنا فلم يقولوا شيئا وأما شبابنا فقالوا غفر الله لرسول الله يعطي قريشا من المال ويدعنا وسيوفنا تقطر من دمائهم، فقام عليه الصلاة والسلام خطيبا، فقال يا أيها الناس صدقتموني وقد كذبني الناس، وآويتموني وقد طردني الناس، ونصرتموني وقد خذلني الناس، فقالوا لله المنة ولرسوله، فرفع صوته، فقال ألم آتكم ضلالا فهداكم الله بي؟ قالوا بلى، قال وأتيتكم فقراء فأغناكم الله بي؟ قالوا بلى، قال وأتيتكم متخاذلين فألف الله بين قلوبكم بي؟ قالوا بلى، والمنة لله ولرسوله، فرفع صوته وقال يا معشر الأنصار، أما ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير وتعودون برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم؟ فوالله لما تذهبون به إلى رحالكم خير مما يعود به الناس.

يا معشر الأنصار أنتم الشعار والناس الدثار والله لو سلك الناس شعبا وواديا لسلكت شعب الأنصار وواديهم، غفر الله للأنصار، ورحم الله الأنصار، ورحم الله أبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار فارتفع بكاؤهم وقالوا رضينا بالله ربا وبمحمد نبيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى