دين ودنيا

الدكروري يكتب عن عدل الله تعالي علي العبد

الدكروري يكتب عن عدل الله تعالي علي العبد

الدكروري يكتب عن عدل الله تعالي علي العبد

بقلم / محمـــد الدكـــروري

بسم الله والحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، فإن من تأمل في اسم الله الرحمن وفهم معانيه ودلالاته تملكه العجب، وهو يقرأ قوله تعالى على لسان نبيه إبراهيم عليه السلام لأبيه وهو يتودد إليه، ويدعوه إلى النجاة كما جاء في سورة مريم ” يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا” وإن الأمر الذي دعا صاحبه للعجب هو أنه كيف يُعذب من سمى نفسه بالرحمن؟ والجواب أن من تأمل هذه الآية يدرك تماما أن من عذبه الرحمن فهو بلا ريب مستحق للعذاب، فكأنه لم يترك مجالا للرحمة أن تناله، ولا يهلك على الله إلا هالك، وفيه من الوعيد إذ إن العذاب من الرحمن ليس كالعذاب من غيره، فهو دليل على شدة الغضب، وعدم وجود الفرصة المتاحة للرحمة.

 

أو للتغاضي، فكل من استوجب العذاب فقد سد أبواب الرحمة منه، فيا عباد الله إذا غابت الرحمة من المجتمع، انقلب المجتمع إلى مجتمع غاب، يأكل القوي فيه الضعيف، وتُداس فيه الحقوق، والقضايا المتراكمة في المحاكم تشهد بذهاب خُلق الرحمة بين الناس، وإن من عدل الله تعالى أن العبد يختم له في الغالب على ما عاش عليه، فمن كان في حياته يشتغل بالذكر والقيام والصدقات والصيام ختم له بالصالحات، ومن تولى وأعرض عن الخير خشي عليه أن يموت على ما اعتاد عليه، ولأجل هذا الفرق العظيم كان الصالحون يستعدون للموت قبل نزوله، بل يغتنم أحدهم آخر الأنفاس واللحظات في التزود ورفع الدرجات، فتجده يجاهد ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويشتغل بالطاعات إلى آخر نفس يتنفسه.

 

وهل تعلم أخى المسلم من هو الذى أجره على الله يوم القيامه ؟ وهل تعلم الثواب الذى أعده الله عز وجل لمن كان أجره عليه سبحانه فلنعلم جميعا هذا الموقف العظيم ولنفكر فيه جيدا فيقول النبى صلى الله عليه وسلم ” إذا وقف العباد للحساب، جاء قوم واضعي سيوفهم على رقابهم تقطر دما، فازدحموا على باب الجنة، فقيل من هؤلاء ؟ قال الشهداء كانوا أحياء مرزوقين، ثم نادى مناد ليقم من أجره على الله فليدخل الجنة، ثم نادى الثانية ليقم من أجره على الله فليدخل الجنة، قال و من ذا الذي أجره على الله ؟ قال العافون عن الناس ثم نادى الثالثة ليقم من أجره على الله فليدخل الجنة، فقام كذا و كذا ألفا فدخلوها بغير حساب ” ومن هنا نفهم من الحديث أن العفو ثوابه الجنه ويجب أن نعلم أن العفو عن الناس.

 

والصفح دليل على كمال الرجولة والمروءة، وعنوان سلامة الصدر من الغش والحقد والحسد والضغينة، وأما الانتصار للنفس والتشفي والانتقام فهو دليل ضعف النفس، وحب الذات والغلظة والفضاضة، وقسوة القلب وضيق العطن، فالمنتقم عدو عقله، يغضب لأتفه سبب، ويجلب لنفسه العداوات والكدر، والاضطراب والقلق، بل والوهن في جسده، ويقول الله عز وجل ” فمن عفا وأصلح فأجره علي الله” والعفو هنا بجب أن يصلح لا يفسد، ويقوّم لا يهدم، ويصفي ويطهر لا يشقي ويدمّر، بمعنى أن العفو مقيّد بالإصلاح، بحيث لا يتمادى المسيء في إساءته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى