مقال

أسرار بن الأزواج

جريده الأضواء

الدكروري يكتب عن أسرار بن الأزواج
بقلم / محمـــد الدكـــروري

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على الهادي البشير، وعلى آله وصحبه أجمعين، الذي قال صلي الله عليه وسلم ” البر حسن الخلق ” رواه مسلم، وقال الشيخ ابن عثيمين في ذلك أن حسن الخلق أي حسن الخلق مع الله وحسن الخلق مع عباد الله، فأما حسن الخلق مع الله فان تتلقي أحكامه الشرعية بالرضا والتسليم وأن لا يكون في نفسك حرج منها ولا تضيق بها ذرعا، فإذا أمرك الله بالصلاة والزكاة والصيام وغيرها فإنك تقابل هذا بصدر منشرح، أما حسن الخلق مع الناس فقد سبق أنه كف الأذى والصبر على الأذى، وطلاقة الوجه وغيره، وعلى الرغم من حُسن خلقه حيث كان يدعو الله بأن يحسّن أخلاقه ويتعوذ من سوء الأخلاق صلي الله عليه وسلم، فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت.

“كان صلى الله عليه وسلم يقول اللهم كما أحسنت خلقي فأحسن خلقي” رواه أحمد، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال كان صلى الله عليه وسلم يدعو فيقول “اللهم إني أعوذ بك من الشقاق والنفاق وسوء الأخلاق” رواه أبو داود والنسائي، فإن هناك أمور يجب الحرص عليها بين الأزواج وهو أن لا يفشي الزوج سر زوجته وأن لا يذكر عيبا فيها إذ هو الأمين عليها والمطالب برعايتها، وأعظم المنكرات نشر ما يدور بينهما حال الجماع ونحوه، لقوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين “إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها” و في رواية يقول “ثم يكشف أحدهما سر صاحبه” ومما يروى أن رجلا كان يريد طلاق زوجته فسأله بعض الناس ” لماذا تريد طلاقها ؟ ” فقال الرجل “إن العاقل لا يهتك ستر بيته”

فلما طلقها وتزوجت قالوا له “لماذا طلقتها؟” فقال”مالي ولامرأة غيري، وكما يجب علي الزوج إكرام أهلها فيجب على الرجل أن يأذن لزوجته بزيارة أهلها بين الحين و الحين حتى لو كان هو على خلاف معهم، وأن زاروها في بيته أن يحسن استقبالهم وأن يبتسم في وجوههم، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرم صدائق زوجته السيدة خديجة رضي الله عنها حتى بعد موتها فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت ما غرت على أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة رضي الله عنها، وما رأيتها قط، ولكن كان يكثر ذكرها، وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء، ثم يبعثها في صدائق خديجة، فربما قلت له كأن لم يكن في الدنيا إلا خديجة، فيقول “إنها كانت وكان لي منها ولد” متفق عليه، فيا أيها الزوج، هي أمانة عندك.

وقد سلمها لك ذلك الرجل الذي وضعت يدك في يده ذات يوم، فعليك أن تصون الأمانه وراقبها جيدا دون تشديد وإحراج ودون إسراف، واتبع الحكمة والموعظة الحسنة لتقويمها، ولا تنسي أنها خلقت من ضلعك وخلقت لك، ولم تُخلق لسواك، فلا تضيع أمانة سيسألك الله عنها يوما، وإعلم انها هي ليست جارية، فلا تجعل نفسك سيدا مالكا لها، بل كن أميرا يتربع على عرش قلبها، إن ألجمها خُلقها عن التجاوز معك، فلتلجمك شهامة الرجال عن الاستقواء على رعيتك فكلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، وقد قالها النبي صلي الله عليه وسلم فهل كنت مسؤولا بمعنى الكلمة عليها، أم أن نزواتك أنستك مَن يجلس ينتظرك بكل الحب والخوف والاهتمام والوفاء، وأردتك في مركب لا ساحل له ولا مَرسى، فإنها بين يديك وفي بيتك فإنها زوجة تسكن بيتك.

وتصون عرضك، وهي ابنة لرجل وامرأة يقطنان عالمك نفسه، لكنها ابتعدت عنهما، وامتثلت لأمر خالقها، ومكثت حيث أنت لتهتم بك وتسعدك، فهل مكثت حيث هي لتسعدها، وتمتثل لأمر ربك وتختارها وحدها، ولا تسكن في قلبك سواها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى