مقال

البهائم تلعن عصاة بني آدم

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن إن البهائم تلعن عصاة بني آدم

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحد لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، قال الإمام مجاهد رحمه الله، إن البهائم تلعن عصاة بني آدم إذا اشتدت السنة، أي القحط، وأمسك المطر، وتقول هذا بشؤم معصية ابن آدم، وقال عكرمة رحمه الله دواب الأرض وهوامها، حتي الخنافس والعقارب يقولون ” مُنعنا القطر بذنوب بني آدم” وإن قراءة الحوادث والإلمام بالتواريخ والاطلاع على أحوال الدول، ومصير الأمم يقود إلى الاعتبار والادكَار ويكون سببا للزهد في الدنيا، والرغبة في الآخرة لأن العبد يرى فيما يقرأ أشخاصا تملكوا ثم مُلكوا، وأمما عزت ثم ذلت، ودولا أقبلت ثم أدبرت، ولا يبقى إلا وجه ربك ذو الجلال والإكرام.

 

فيقول تعالي في سورة غافر” لمن الملك اليوم لله الواحد القهار” ومما سجله التاريخ هو ما وقع في شهر ربيع من فتح بيت المقدس، معدن الأنبياء من لدن إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام، ثم كان مسرى خاتم النبيين ورسول رب العالمين محمد صلى الله عليه وسلم إذ جمع له فيه الأنبياء كلهم عليهم الصلاة والسلام فأمّهم في محلتهم ودارهم، وكان هذا الفتح العظيم في عهد الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولكن بشائره كانت زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قبل أن تدين له العرب، وقبل أن تفتح على يده مكة وكانت تلك البشارة حينما قابل هرقل الروم أبا سفيان، وكفار قريش وسألهم جملة من الأسئلة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت تلك المقابلة بإيلياء أي بيت الله الذي هو بيت المقدس فما أن انتهى هرقل من أسئلته.

 

والمشركون من إجابة تلك الأسئلة، حتى أطلق هرقل تلك البشارة التي أذهلت كفار مكة وقالها وهو يتحسّر على ملكه، ونفسه يتنازع فيها داعي الإسلام، وداعي الملك، وقلبه يضطرب بين حظ الدنيا وفوز الآخرة لكنه في نهاية المطاف اختار الملك والدنيا فخسر الملك والدنيا والآخرة، فقال هرقل لأبي سفيان رضي الله عنه “فإن كان ما تقول حقا فسيملك موضع قدمي هاتين، وقد كنت أعلم أنه خارج، لم أكن أظن أنه منكم، فلو أعلم أني أخلص إليه لتجشّمت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه” وإنها آية بينة، وبشارة متقدمة، فكانت بشارة بفتح بيت المقدس، وإزالة عرش الرومان، وكانت تلك البشارة قبل أن يتم فتح مكة، فما أعظمها من آية، وما أطيبها من بشارة، ودار التاريخ دورته، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن كمل به الدين، وتمت به النعمة.

 

فإن الذنوب والمعاصي لها تأثيرها السلبي حتى في الانهزام أمام العدو لذلك كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول ” أنا لا أخاف علي الجيش من عدوه ولكن أخشي عليه من ذنوبه ” وكان إذا تأخر النصر يرجع عمر بن الخطاب هذا التأخير للمعصية قائلا نحن إذا أطعنا الله تفوقنا علي عدونا أما إذا عصيناه فقد استوينا مع عدونا أمام الله وتفوق علينا بالعدة والعتاد، ولذلك كان المسلمون على تعاقب العصور والأزمان ينظرون إلى غلاء الأسعار والقحط وجدب الأرض على أنه نوع من العقوبة الإلهية بسبب الذنوب والمعاصي والسيئات فيبادرون إلى التوبة والإنابة إلى الله وتقوى الله عز وجل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى