مقال

السماحه والرأفة في قلوب الصحابة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن السماحه والرأفة في قلوب الصحابة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحد لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، فهو صلى الله عليه وسلم الذي جاءه الأنصار فقالوا يا رسول الله ادع الله على ثقيف، فقال صلى الله عليه وسلم ” اللهم اهد ثقيفا” قالوا يا رسول الله ادع عليهم، فقال ” اللهم اهد ثقيفا، اللهم اهدي ثقيفا” رواه الترمذي، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال، قيل يا رسول الله، ادع على المشركين، قال ” إني لم أبعث لعانا، وإنما بعثت رحمة ” رواه مسلم، وإن العلاقة بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين الكافرين المخالفين له في الدين الذين يعيشون معه في مجتمع واحد، أعلى بكثير من مجرد علاقة سلام، بل كانت علاقة بر ورحمة، حتى أنه كان يزور مرضاهم.

فعن أنس رضي الله عنه قال ” كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض، فأتاه يعوده، فقعد عند رأسه فقال له أسلم، فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال أطع أبا القاسم، فأسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول الحمد لله الذي أنقذه من النار” رواه البخاري، وقال ابن حجر ” وفي الحديث جواز استخدام المشرك، وعيادته إذا مرض، وفيه حسن العهد ” فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آل محمد الطيبين المخلصين الطاهرين وأصحابه الغر الميامين رضي الله عنهم بإحسان إلي يوم الدين، أما بعد لقد كانت السماحه والرأفة تظهر جليا في قلوب الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين، فهذا هو الصحابي الجليل أسامة بن زيد رضي الله عنهما وتأثره عندما قتل من نطق بالشهادتين، فماذا حدث في هذا الموقف؟

ولما عاتبه رسول الله صلي الله عليه وسلم، على خطئه وبخه توبيخا شديدا، وذكره بالحساب، ماذا تمنى الصحابي، ماذا قال؟ ما هي الكلمات التي عبر بها عن الحرج العظيم في نفسه؟ قال فما زال يكررها حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ، أي تمنيت أني ما دخلت في الإسلام إلا بعد هذه الجريمة لأن الإسلام يجب ما كان قبله، تمنيت أني ما أسلمت إلا في ذلك اليوم لأنه عظم عليه الإثم جدا، ولكن اليوم كثير من المجرمين يفعلون جرائم متعددة، وكبائر كبيرة جدا، لو سمعوا وعظم ذلك عليهم وقرعوا على أفعالهم، وأقيمت عليهم الأدلة على شناعة ما فعلوا، ماذا يحدث لديهم من التأثر؟ أي تأثر يحدث في نفوسهم؟ فهناك فرق كبير بين هذه النفسيات، فإن الناس نفوسهم اختلفت تماما، وروي عبدالله بن مسعود رضي الله عنه.

فيقول “كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، ومررنا بشجرة فيها فرخا حُمّرة، فأخذناهما، قال فجاءت الحُمّرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تصيح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “من فجع هذه بفرخيها؟ قال فقلنا نحن، قال “فردوهما” فهو صلى الله عليه وسلم قلب يعطف على جذع نخلة يابس، ويعلن حبّه لجبل صلد، ويستمع شكاية الجمل، وهو يمسح على سنامه وأذنيه، ويرفع المظلمة عن طائر، فإذا كان هذا حبه لهذه المخلوقات، فكيف يكون حبّه لإنسان له جنان؟ وكيف سيكون حبه لولده وزوجه وقرابته وأصحابه؟ ومن هنا يجب على المسلم أن يكون همه لله وفي ذات الله، وهذا مقام رفيع، وأن يكون أشح بوقته أن يذهب ضائعا أشهد من شح البخيل بماله، وأن يكون اهتمامه بتصحيح العمل أكثر من اهتمامه بالعمل ذاته وهذه نقطة مهمة جدا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى