مقال

عوامل ظهور الحضارة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن عوامل ظهور الحضارة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الخميس الموافق 9 نوفمبر

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله الطيبين وصحبه أجمعين، إن البحث عن النجاة من أي خطر أمر فطري، وكلما كان الذي يدلك على المخارج الآمنة أصدق حديثا وأكثر صدقا زادت طمأنينتك به، فكيف إذا كان المخبر عن هذه المخارج هو الله تعالى، ومن أصدق من الله حديثا وكذلك ما أخبرنا به الصادق المصدوق فيما صح عنه، إنه يوم القيامة يوم البعث والنشور، يوم الفصل، يوم الحسرة، يوم التغابن، يوم الحساب، يوم الوعيد، يوم الجمع، يوم التلاق، يوم التناد، يوم الخروج، يوم الآزفة يوم الخلود، القارعة، الصاخة، الطامة الكبرى، يوم الغاشية، يوم الحاقة، يوم الواقعة، فعن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال.

“تدنو الشمس يوم القيامة على قدر ميل ويزاد في حرها كذا وكذا يغلي منها الهوام كما يغلي القدور يعرقون فيها على قدر خطاياهم منهم من يبلغ إلى كعبيه ومنهم من يبلغ إلى ساقيه ومنهم من يبلغ إلى وسطه ومنهم من يلجمه العرق” وأما عن عوامل ظهور الحضارة، فيرى بعض الفلاسفة والباحثين بتعددها، ويرى بعضهم الآخر أن الحضارة تقوم على عامل واحد فقط، فمنهم من يرجع قيام الحضارة إلى طبيعة الجنس، أو إلى الظروف البيئية المحيطة، أو إلى الأحوال الاقتصادية، أو إلى جوهر الإنسان وإرادته وعزيمته، أو إلى دور القيم الاجتماعية في المجتمع والتي وضعت لتناسب حضارة قوية ومتينة، أو إلى قوة المجتمع بحد ذاته، حيث رأى بعض الفلاسفة أن قيام الحضارة بسبب أحد هذه العوامل.

أو بسبب عاملين أو أكثر مجتمعين مع بعضهم البعض، وإن عوامل قيام الحضارات في الرؤية الغربية قيل بسبب عاملين فقط، وهما الطبيعة والإنسان، وكان نتيجة تركيز نظرتها في قيام الحضارات على الذات الإنسانية والطبيعة أن يعتبر الجنس أو العرق العامل الأساسي في نشوء الحضارة، واختصت بذلك الجنس الأبيض لما يتمتع به من خواص أهلته لصنع الحضارة، وأما دخول الطبيعة كعامل مهم في نشأة الحضارة فيكمن في نشوء صراع بين الطبيعة والإنسان ليتحدى الإنسان نفسه وتتفجر طاقاته ليبني حضارة مزدهرة، إلا أن هذا الصراع أدى مع مرور الأيام، إلى إحداث الفساد في العمران، والجدير بالذكر أن فكرة الصراع بين الإنسان والطبيعة من حوله هي فكرة غربية بحتة تبدو للوهلة الأولى منطقية.

إلا أنه عند التوغل فيها نجد أنها فكرة مدحوضة، حيث إن الطبيعة وجدت لخدمة الإنسان وعليه فإن فكرة الصراع بينهما مرفوضة، فالعلاقة بينهما علاقة تكامل وانسجام، وفي عصرنا الحالي نجد أن الحضارة المعاصرة عملت على إفساد البيئة الكونية، وذلك لأن العلاقة قد تأسست منذ البداية على فكرة الصراع، دون وجود للقيم الأخلاقية، مما أدى إلى ظهور العديد من المشكلات مثل استنفاذ الموارد ومصادر الطاقة المخزونة، بالإضافة إلى تراكم النفايات بشكل كبير، واستخدام أسلحة الدمار الشامل التي أدت إلى إهلاك النسل، وكل تلك الأمور سببها السلوك الإنساني الفاسد، وقد تم استبعاد البعد الغيبي في عوامل قيام الحضارة في الرؤية الغربية، حيث تعاملت الحضارة الغربية مع عالم الشهادة.

واقتصر علمها على المفاهيم الوضعية التي تقوم على الصراع. كما أن النظريات الغربية عمدت إلى تعظيم دور الإنسان وجعله مركزا للكون، بالإضافة إلى تضخيم دور الطبيعة أيضا، وقد سعت الحضارة الغربية إلى تحقيق المنفعة للإنسان وإشباع غرائزه مع إهمال الجانب الروحي، الأمر الذي أدى إلى التهديد بالخطر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى