مقال

الإتقان والتخطيط المتقن

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإتقان والتخطيط المتقن
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 22 نوفمبر 2023

الحمد لله رب العالمين الأول والأخر والظاهر والباطن وهو بكل شي عليم واشهد ان لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم، إن النبي الكريم محمد صلي الله عليه وسلم في قضية البنيان اهتم بمسألة الإتقان في بناء المسجد النبوي، إذن مسألة الإتقان في البنيان، وإستعمال هذا الإتقان في بناء المساجد التي تقي الناس من المطر، والتي تقي الناس من الحر، والتي تمكنهم من العبادة، دون أي زخرفة تشغل المصلي وتذهب بلبه، كما كانت عملية حفر الخندق متقنة لدرجة أن قريش والعرب وغطفان وعشرة آلاف مقاتل ما استطاعوا أن يقتحموا، ولقد كانت المدينة ولا زالت محاطة بالحرتين من المشرق والمغرب ومن الجنوب البنيان والبساتين.

وكان المنفذ الوحيد الذي يمكن للجيش الغازي أن يدخل منه المدينة هو الجهة الشمالية، فحفر الخندق من الشمال، من طرف الحرة الشرقية إلى طرف الحرة الغربية، ووزع الحفر بين المسلمين، فأعطي لكل عشرة أربعين ذراعا وأتموا الحفر في مدة وجيزة، وكان طول الخندق خمسة آلاف ذراع، وعمقه لا يقل عن سبعة أذرع، وعرضه لا يقل عن تسعة، هذا الإتقان للعمل جعل كفار العرب يقفون حائرين عنده، لا يستطيعون اقتحام المدينة، وإن الإتقان يكون في التخطيط في وضع المتطلبات اللازمة لسد الاحتياجات المستقبلية، وهذا ما فعله نبي الله يوسف عليه السلام بمهارة لمواجهة الأزمة الاقتصادية الخانقة، وابتدأت المسألة برؤيا الملك، وعبرها يوسف عليه الصلاة والسلام ووضع الخطة.

وهذه الخطة واضح من كلام يوسف عليه السلام أنها المسألة ليست مجرد تأويل رؤيا، تأويل الرؤيا أن هناك سبع سنوات رخاء، سيعقبها سبع سنوات جدب، سيعقبها السنة الخامسة عشرة رخاء، هذا تأويل الرؤيا، لكن يوسف قدّم برنامج عمل، ولذلك الملك الحاكم لما رأى أمامه برنامج عمل جاهز أخذ به، وقال لهم تزرعون سبع سنين متواليات، لأنها خصب، ومطر، إذن تعملون على هذا أولا، تستثمرون الخصب للمستقبل، ثم نظام التخزين، خزنوه بالسنابل لئلا يسرع إليه الفساد، إلا المقدار الذي تأكلونه وليكن قليلا بغير إسراف، ليبقى لكم ما يقيتكم في السبع الشداد، المجدبات متواليات أيضا تستهلك ما تم تجميعه في سني الخصب، يأكلن ما قدمتم لهن، فليس في تلك السبع المجدبات نبات.

وبشرهم بأن السنة الخامسة عشرة ستكون سنة تغيير، وغلّات البلاد وعصر الزيت ونحو ذلك، وكانت نتيجة ذلك التخطيط المتقن، هو خروج الناس من الأزمة سالمين، وفاضت خيرات مصر على بلاد الشام على ما جاورها، فلذلك جاء أولاد يعقوب عليه السلام وصار الناس يتسامعون بذلك، وصار النفع العظيم، بخطة نبي الله يوسف المتقنة عليه السلام وهو المؤيد بالوحي من الله عز وجل، فاللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا، اللهم أنت الغني ونحن الفقراء إليك، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا هدم ولا غرق، اللهم أسق به البلاد والعباد واجعله زادا للحاضر والباد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى