مقال

الدكروري يكتب عن داوود يقتل جالوت

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن داوود يقتل جالوت

بقلم / محمـــد الدكـــروري

لقد خرج داود عليه السلام في حزم وفي أمنع حرز لملاقاة جالوت، وهو صدق الإيمان، وكان يحمل العصاة والمقلاة، وألقي الدرع السيف، ورآه جالوت فاحتقره وهزئ به وقال ما هذه العصا التي تحملها؟ أكلب تطارده أم غلام مثلك تناجزه؟ أين سيفك وترسك؟ وأين سلاحك وعدتك؟ يخيل إليّ أنك كرهت حياتك وسئمت عيشك مع أنك لا تزال حديث السن ولم تحتمل بعد تكاليف العيش ولا نصب الحياة، فقال ادن مني، فإنه بعد لحظة ستسيل نفسك وتطوى صحيفة عمرك، وأقدمك لحما طريا لوحوش البرية وطيور السماء، قال داود لك درعك وترسك وسيفك ونشابك، أما أنا فإني أتيتك باسم الله إله بني إسرائيل الذين أذللتهم وأخضعتهم، وسترى عما قريب أهو السيف الذي يصرع ويقتل أم هي إرادة الله وقوته.

 

ومد يده إلى كتفه وأخرج الحجر، ووضعه في المقلاع وسدده نحو جالوت، فإذا هو مشجوج الرأس سائل الدم مثخن الجراح، ثم قفاه بحجر وحجر حتى خر صريعا على اليدين والفم، وارتفعت راية النصر وانكسرت بعد جالوت شوكة العدو، وولوا منهزمين يتبعهم المؤمنون ضربا وطعنا وتقتيلا، وثأروا لأنفسهم واستردوا عزهم الذاهب ومجدهم التليد، وهكذا كان نبى الله داود رجلا مؤمنا بالله، وكان يعلم أن الإيمان بالله هو القوة الحقيقية في هذا الكون التي يُهزم بها الأعداء ، وأن العبرة ليست بكثرة العدد والسلاح، ولا بضخامة الأجسام، وكان الملك طالوت قد وعد المقاتلين من بن اسرائيل أن من يقتل جالوت يصير قائدا على الجيش ويتزوج ابنتي، ولم يكن داود يهتم بهذا كثيرا، ولم يكن يأبه لهذا الإغراء.

 

بل كان يريد أن يقتل جالوت لأن جالوت رجل جبار وظالم وعدو لله، وهنا سمح الملك لداود أن يبارز جالوت، وتوجه الجميع بالدعاء والتضرع إلى الله أن ينصرهم على عدوهم، وتقدم داود بعصاه الصغيرة التي يرعى بها غنمه، ومعه خمسة أحجار ومقلاعه وهو نبلة يستخدمها الرعاة، وتقدم جالوت وهو مدجج بالسلاح والدروع، فسخر جالوت من داود، وأهانه وضحك منه ومن فقره وضعفه وسلاحه، وهنا وضع داود حجرا قويا في مقلاعه، وطوح به في الهواء وهو يقول باسم الله، الله أكبر، وأطلق الحجر، فكانت المفاجأة فقد أصاب الحجر جالوت بإذن الله فقتله، وبدأت المعركة بين الجيشين بعد أن فقد العدو قائده جالوت، وانتصر جيش بني إسرائيل بقيادة طالوت على جيش جالوت.

 

فإنها سنة من سنن الله في خلقه، ألا وهي سنة الدفع والمدافعة فماذا لو لم يتم قتل جالوت؟ هذا الكافر العنيد المتجبر الظالم؟ لو لم يقتل سيفتن المؤمنين، وسينشر الفساد في الأرض، نعم، إن فضل الله على العالمين عظيم وعظيم جدا، إذ لو لم يشرع قتال الظلمة والمشركين لفسدت الأرض باستعلاء الكفر وانتشار الظلم، والله تعالى لا يرضى بالظلم، بل شرع دفع الظلم ومقاومة الظالمين لمنع ظلمهم، وتقليم أظفارهم، والأخذ على أيديهم كيلا يتمادوا في ظلمهم فيعمّ الفساد الأرض، فلا بد من مقاومة الفساد وإزالته، من أجل إصلاح الحياة لجميع البشر مؤمنين وغير مؤمنين، وهكذا أصبح داود عليه السلم ملكا، واختاره الله تعالى نبيا لبني إسرائيل، فجمع الله تعالى على يديه النبوة والملك مرة أخرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى