مقال

نفحات إيمانية ومع إياكم والفساد ” الجزء الخامس “

نفحات إيمانية ومع إياكم والفساد ” الجزء الخامس ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع إياكم والفساد، وعندما يتشبع ويشبع منها يتركها محطمة، فاسدة القلب والكيان، لأنها تحولت لكائن مدمر غير مؤمن بكل ما تربى عليه وعاش به، والغريب أن هذا النوع من المفسدين لا يتوقف عن عملية إفساده بل ينتشر ويزداد فخرا كلما ازداد رقم من أفسد قلبهم وحياتهم، وكأنه في مسابقة للحصول على رقم لم يحصل عليه أحد من قبله ولا بعده، وليس الإفساد قاصرا على الرجال فقط بل هناك نساء تركز جهودها على إفساد حياة آخرين وأخريات وتجيد اللعب بمهارة، ويكون صيدهن من الرجال كبار السن أصحاب المناصب والمال، ولأنها تعلم ما ينقصهم في هذه المرحلة العمرية الحرجة، وعلى يقين أيضا بما تريده وتعمل عليه.

 

فهى توفق وتكلل بالنجاح وتبدأ مسلسلها بكلمة، أحبك، وتضيف عليها بأننى لا أنظر لأى فوارق عمرية، وأيضا تؤكد لضحيتها أنها لن تستطيع العيش بدونه، وأنها ترضى فقط بأن تظل بجواره، ولا يعنيها إطلاقا كونه متزوجا، أو أبا أو حتى جد، فهى رمت شباكها بمهارة ووقع صيدها وسعد جدا وظن كل الظن أنه دون جوان عصره وزمانه واستجاب لدعوتها وغير من شكله وطريقة لبسه ليقنع نفسه بأنه شاب وأنها معجبة إن لم تكن واقعة في غرامه وهيامه، ولأنها تتعامل بذكاء وبهدف سام من وجهة نظرها المريضة فلا تدخر وقتا ولا جهدا في أن تكون تابعة له وتتواجد معه في كل مكان وفى أي زمان، وبالطبع المنظومة تسير لصالحها ويتم الإفساد بنجاح ويكره من أفسدته.

 

بيته، وأسرته، ويهجرهم ويحرص كل الحرص على الالتصاق بالشابة الجديدة، ويفكر في شىء واحد وهو نفسه وإسعادها، ويترك بيتا مليئا بالتعاسة ولسان حال أهله كلهم يقول فسدت حياتنا، وتصبح زوجته وأبناءه إن كان له أبناء ترسا في دائرة المتألمين الذين يحملون بداخلهم قلوبا إن لم تصبح فاسدة فهى حزينة منكسرة متألمة وينقصها الإحساس بالأمن والأمان لأنها وجدت أن من كان يراد منه الحرص على إسعادهم وحمايتهم قد أصبح هو من أفسد حياتهم وصبغها بكل الألوان الحزينة واحتفظ لنفسه فقط بطريقة سعيدة كما يرى ويهوى ويظن، فإنه ليس المفسد في الأرض فقط تلك الفئة الضالة ولكن هناك أيضا من يسرقون مبادئنا.

 

ويشوهون ملامحنا ويغيرون مفاهيمنا الحقة، فالمفسدون يتكاثرون كأبغض المخلوقات التي تملأ الأرض نسلا في أقل وقت ممكن، ولأنهم يعيثون في القلوب فسادا، فلذا وجب أن نحذر منهم، فقد تواترت النصوص الشرعية في الكتاب والسُنة في الحديث عن الفاسدين والمفسدين، وبيان صفاتهم وأماراتهم، ليكون الناس على بيِنة من أمرهم، فيحذروهم ويدركوا العقلية المنحرفة والموازين المضطربة التي يتعامل بها أولئك المفسدون مع غيرهم، وقد تكاثر هؤلاء المفسدون في عصرنا الحاضر، وتعددت راياتهم، وتفننوا في ابتكار صنوف الفساد والإفساد في كل الميادين، وكان وجودهم من الأسباب الرئيسية لتخلف الأمة، وتردي مكانتها.

 

من أجل ذلك كان من الواجب علينا أن نتدارس صفاتهم بيانا للحقيقة، وإيقاظا للأمة، وتحذيرا من تغول المفسدين وطغيانهم في البلاد، وإن من أبرز الصفات التي جاء بيانها في القرآن الكريم بإن الصفة الأولى هى العلو والاستكبار في الأرض فالعلو والطغيان والاستكبار في الأرض صفات ملازمة للمفسدين، كما قال تعالى فى سورة القصص ” تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا فى الأرض ولا فسادا والغاقبة للمتقين ” وبضدها تتبين الأشياء، وكما قال سبحانه فى سورة الفجر ” وفرعون ذى الأوتاد، الذين طغوا فى البلاد، فأكثروا فيها الفساد ” وإن من علامات هذا العلو والطغيان هو تطاول المفسدين على الضعفاء وانتهاك كرامتهم والتعدي على حقوقهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى