مقال

التوحد في حياة المسلم

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن التوحد في حياة المسلم
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 5 ديسمبر

الحمد لله الأول والآخر والظاهر والباطن، فهو الأول فليس قبله شيء، والآخر فليس بعده شيء، والظاهر فليس فوقه شيء، والباطن فليس دونه شيء، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء، وسيد المرسلين سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم، أما بعد إن الإيجابية لا تكمن بالعمل فحسب، بل حتى في القول، فلقد جعل الإسلام للكلمة الطيبة مكانة وضرب الله تعالى المثل بالكلمة الطيبة التي تؤتي أُكلها وثمارها في كل حين، فالكلمة الطيبة من الإيجابية، لكنها الكلمة التي تتبع بالعمل، كذلك الرأي والمشورة لم يحرم الله عز وجل صاحب الرأي من الأجر، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا”

وإن الله تعالى على لسان رسوله المصطفي صلى الله عليه وسلم حذر من التثاقل وحذر من التخاذل، وحذر من الفردية والإنعزالية عن المجتمع، فيقول صلى الله عليه وسلم “ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان، فعليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية” ويقول أيضا “من بدا جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى أبواب السلطان افتتن، وما ازداد عبد من السلطان قربا إلا ازداد من الله بعدا” لأن حياة العايش في البادية بعيدا منعزلا ليس فيها إيجابية، وليس فيها حركة، وليس فيها نظر للآخرين، وليس فيها نظر إلى حياة أولئك الذين يعرفون في حياتهم يوما يعد يوم، فإن الإنسان يجب أن يكون مثل غيره لكنه بالعمل لا بالتمني، فحياة الاجتماع يرى فيها الإنسان المتقدمين في حياتهم.

المغيرين الذين لهم لمسات في هذه الحياة، فيتمنى أن يكون مثلهم، فيسلك طريقهم ودربهم ليصل إلى ما وصلوا إليه بخلاف ذلك المنعزل فإنه يعيش لذاته، ويعيش لنفسه، ويوشك أن تصيبه الغفلة، ولذلك قال رسول الله صلى عليه وسلم “من ترك ثلاث جمعات من غير عذر كتب من المنافقين” لماذا؟ لأنه ابتعد عن مجالس الناس، ابتعد عن محيط التأثير، والإيجابية في حياة المسلمين، واعلموا يرحمكم الله بأن الدفاع عن هذا الدين الإسلامى السمح لمن مناطات ما قلدنا الله تعالى من التكليف، فلا يمكن السماح أبدا عما يفسد صورته ويشوه سمعته ويزيف حقائقه بأن يعيث فيه أفراد فسادا ويخربون بادعائهم بلادا ويؤذون عبادا، فدين الإسلام من العدوان ومن سفك الدماء براء لأن الأصل في الدماء والأرواح العصمة فلا يحل انتهاكها في شرع الله تعالى.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه” وإن من صور الاختلال والاعتلال الناتجة عن سوء الفهم أن يقترف كل ذلك باسم الدين، وأن يقتل المسلمون ويذبحون وتسمع النداءات خلفهم الله أكبر، فإن دين الله بريء من سفك الدماء، وبرئ من هذا الهراء، وهذه الصور التي نشاهدها كل يوم من قتل وذبح وترويع، فإن الأمة جميعا تتحمل مسؤولية محاربة هذا الخلل الخطير في التصور وأحسن صور محاربته نشر العلم، فالعلم الصحيح الذى مصدره الكتاب والسنة بما يحملانه من طهر وصفاء ورقى والتمكين للعلماء الربانيين الصادقين العارفين، وإنشاء قنوات كثيرة تنشر في العالم حقيقة الإسلام الناصعة البياض، وإنه لمطلب مُلح لم يعد يقبل التأجيل حتى يترقى الجيل ويزول الفهم العقيم والوبيل.

وإن هناك التنمية الشخصية وتنصب جهود التنمية الشخصية لجعل الإنسان سباقا وجديرا بالخلافة فى الأرض، ليكون إنسانا صالحا متكاملا ومقدرا للمسؤوليات المنوط به فقال تعالى فى سورة البقرة ” وإذ قال ربك للملائكة إنى جاعل فى الأرض خليفه” فعمل الإسلام على وجود هدف أعلى لحياتنا لتحقيق التوحد في حياة المسلم، وإزالة التناقض منها، ووجود قناعة بضرورة التغيير، والتحرر من الشعور بالاستسلام، والقبول بالذات على مستوى الفرد، ومستوى الانتماء للأمة، والتخلص من مشاعر اليأس والإحباط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى