مقال

أعظم آلات السعادة وصلاح الحياة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن أعظم آلات السعادة وصلاح الحياة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 6 ديسمبر

الحمد لله رب العالمين اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين، أما بعد إذا أردتم أن تعرفوا فضل الله عليكم بهذه النعمة وهي نعمة العقل فانظروا إلى من فقدها كالمجانين، وأصحاب الأمراض العقلية، وانظروا إلى المجانين في الشوارع، واحمدوا الله على نعمته، واسألوه دوام فضله، ومما يبين لنا عظم هذه النعمة وأهميتها في الشريعة الإسلامية كذلك أن الجناية على العقل حتى يخرج عن حد التكليف توجب الدية كاملة كدية النفس لأن العقل أشرف المعاني والأعضاء، وهو من أعظم آلات السعادة وصلاح الحياة، ولقد اهتم الإسلام بالعقل اهتماما كبيرا.

وأعلى من منزلته وقيمته ما ورد في كتاب الله تعالى من الآيات الكريمة التي تؤكد هذه الأهمية وتلك المكانة، واعلموا يرحمكم الله إن من فوائد الحياء وثماره هو هجر المعصية خجلا من الله سبحانه وتعالى، والإقبال على الطاعة بوازع الحب لله عز وجل، وكما أنه يبعد عن فضائح الدنيا والآخرة، وهو يكسو المرء الوقار فلا يفعل ما يخل بالمروءة والتوقير ولا يؤذي من يستحق الإكرام، وهو دليل على كرم السجية وطيب المنبت، وأن من استحى من الله ستره الله في الدنيا والآخرة، فهو ستر من العيوب، لذلك قال الأصمعي سمعت أعرابيا يقول من كساه الحياء ثوبه لم ير الناس عيبه، وكما أن الحياء حياة للقلب، فإن الحياء مشتق من الحياة، فيقول عمر بن الخطاب رضي لله عنه من قل حياؤه قل ورعه.

ومن قل ورعه مات قلبه، كما يعد صاحبه من المحبوبين عند الله وعند الناس، ويدفع المرء إلى التحلي بكل جميل محبوب، والتخلي عن كل قبيح مكروه، وأن من قوي حياؤه صان عرضه ودفن مساوئه ونشر محاسنه، وكان ذكره محمودا وعند الله مرفوعا، وإن الحياء يدخل الجنة، فاتقوا الله عباد الله، واحرصوا على التخلق بهذا الخلق الكريم، ففيه خير الدنيا والآخرة، ونسأل الله تعالى أن يرزقنا الحياء، وأن يجعلنا من أهل الحياء، وأن يلبسنا ثوب الحياء، إنه سميع الدعاء، فإن الحياء خُلق كريم، يمنع الإنسان من فعل ما يشين، ويدفعه إلى عمل ما يزين، فينأى بجانبه عن القبيح، ولا يأتي بما يُعاب عليه ويُذم من أجله بل يصدر عنه كل أمر حميد، ويعطي كل ذي حق حقه، ولهذا جعله المشرع الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم خيرا كله.

لأنه جماع الفضائل، ونقطة الارتكاز في دائرة المكارم، فكل ما يرد عن طريقه جميل الوقع، حبيب إلى النفس، ينشرح له الصدر، ويطيب له الخاطر، ويحسن في الأحدوثة، ويهواه الفؤاد، وارجع البصر كرتين في دنيا الناس، تجد منهم من منحه الله هذا الخُلق الكريم، فيسير بين الورى سيرا حميدا، وكان كالقطر حيثما وقع نفع، يحب لغيره ما يحب لنفسه، ويعامل بما يرغب أن يعامل به، ويأخذ حقه بلا زيادة عليه، ويؤدي واجبه بلا نقص منه، ولا حقد ولا حسد، ولا بغضاء ولا شحناء، ولا جدال ولا خصام، وقد أدرك أن الدنيا ساعة، فجعلها طاعة، وعلم أن النفس طماعة، فألزمها الرضا والقناعة، وأيقن أننا جميعا إلى الله صائرون، ومن الدنيا راحلون، ولأودنا وأهلينا وأحبابنا مفارقون.

ومن كأس المنية والموت شاربون، ونحو الآخرة مقبلون، وعلى ربنا تبارك وتعالى واردون، وبين يديه جلت حكمته واقفون، وبكل ما عملنا محاسبون، يوم تشهد على الناس ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون، يومئذ يوفيهم الله دينهم وجزاءهم الحق، القائم على العدالة والإنصاف، ويعلمون أن الله هو الحق المبين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى