مقال

التحليل والتحريم من حق الله تعالى

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن التحليل والتحريم من حق الله تعالى
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين، أما بعد إن ما تعانيه المجتمعات اليوم من المحن وتتابع الفتن واستباحة المحرمات ومعانقة الرذيلة، ما ذاك إلا بسبب فقد الحياء، وذهاب الحياء، وإن منزوع الحياء لا تراه إلا على قبح، ولا تسمع منه إلا لغوا وتأثيما، عين غمازة، ونفس همازة، ولسان بذيء يتركه الناس اتقاء فحشه، مجالسته شر، وصحبته ضر، وفعله عدوان، وحديثه بذاء، وإن من مظاهر ذهاب الحياء هو المجاهرة بالذنوب والمعاصي وعدم الخوف من الله تعالي فعديم الحياء لا يتأثر بعلم الناس بسوء حاله، ولا باطلاعهم عليه، بل كثير منهم يخبر عن حاله وقبح ما يفعل.

وإذا حُرم المرء الحياء فإنه بكل قبيح كان منه جدير، يرى الشتمَ مدحا والدناءة رفعة، وللسمع منه في العظات نفور، وكما أن من عدم الحياء هو إذاية الناس في دينهم وفي طرقاتهم، ورمي للأزبال في الطرقات، وتبول وتغوط في الطرقات، أمام أعين الناس وأنظارهم، فانظر كيف تنزل قلة الحياء بالإنسان إلى مراتب الدواب والأنعام، التي تقضي حاجتها في كل مكان غير آبهة بمن يراها وينظر إليها، وهكذا يفعل كثير من الناس، وروى الطبراني في الكبير بإسناد حسن عن حذيفة بن أسيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” من آذى المسلمين في طرقهم وجبت عليه لعنتهم” فإنها أفعال وتصرفات لا تليق بإنسان أنعم الله عليه فخصّه بهذا الخلق خلق الحياء دون سائر الحيوانات والمخلوقات، وزينه الله بزينة الحياء ليمنعه من فعل القبيح.

فمن لا حياء له، فليعلم أن فطرته مطموسة وقلبه ميت، واعلموا يرحمكم الله أن التحليل والتحريم من حق الله تعالى وحده، وأن تحريم الحلال أو تحليل الحرام يعادل الشرك بالله عز وجل، وأن التحريم متعلق بالخبائث، والله عز وجل يحرم عليهم الخبائث، فقال تعالى فى سورة الأعراف ” يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث” أى أن هناك علاقة علمية بين المعصية ونتائجها، وبين الطاعة ونتائجها، وليس التحليل رمزيا، ولا التحريم رمزيا، إنما العلاقة بين التحريم ونتائجه وبين التحليل ونتائجه علاقة علمية، أي علاقة سبب بنتيجة، وبينت أيضا أن في الحلال ما يغني عن الحرام، وأنه ليس في الإسلام حرمان إطلاقا، وإن كل شهوة أودعها الله تعالى في الإنسان لها قناة نظيفة يمكن أن تسلكها وأنت مرتاح، وأنت مقبل، وأنت سعيد.

وبينت أيضا أنه ما أدى إلى حرام فهو حرام، فالشيء الذي يؤدى إلى حرام هو حرام أيضا، وبينت أن التحايل على الحرام حرام، وأن النية الحسنة لا تبرر الحرام، وأن اتقاء الشبهات من الورع، وأنه لا محاباة ولا تفرقة في الحرمات، فالمحرم على الجميع، وليس هناك استثناءات، وأن الضرورات تبيح المحظورات، ومعنى الضرورات، أن تكون أنت وأهلك على وشك الموت جوعا، أو عريا، أو تشردا، فهذه هي الضرورة التي تبيح المحظور، لا كما يفهمها الناس متوسعين، فكلما شعر بحاجة إلى شيء يقول أن مضطر، ومن خلال هذه الضرورة المتوهمة يبيح لنفسه المحظورات، فإن الحلال والحرام في الحياة الشخصية للمسلم، وهو أن يكون كسبك حلالا، فإن أول شيء يختص في حياتك الشخصية ما تأكله.

فعن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوه” رواه الطبرانى، أى إطعم نفسك حلالا أو اكسب رزقا حلالا، وإن الحديث يشير إلى المعنيين معا، كل الشيء الذي أباحه الله لك، أو اكسب رزقا حلالا عن طريق الصدق، والأمانة، وعدم الغش، وعدم التدليس، وعدم الاحتكار، وعدم الاستغلال، وعدم الإيهام، فإن الحديث يتجه إلى معنيين أن يكون الكسب حلالا وفق منهج الله، وتطبيق شرع الله، والتأدب بآداب الإسلام، أو أن يكون الطعام الذي تأكله حلالا، بمعنى مما أباحه الله لك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى